خذني الآن
“خذني الآن
ان كنت لا تأنفُ الركام
ولا تمهلني عاماً آخراً
ها أَنَذَا
حفنة رماد بارد
نثرة ضوء
علقت في شق الجدار
وجمدت هناك
كالكسور المبعثرة لزجاج
بلى
خذني الآن
فما يجديني عام آخر
او ثلاثة
لم يبقَ شيء
الا وهبت رفاته لظل سروة
لظل جدار
او ضريح
ها انذا
حفنة من التعب والهزال
قصبة يبست بقرب جدول
ناضب
ودخان
وسراب
تبدده النجوات
إلى استراحات بعيدة
بلى
خذني الآن
والا افسد الهواء الصفصاف روحي
والأسقاط جميعها كمثل روحي
عتّقها الغبار وصمت الغبار
في أقبية هذه المشقات
ولا تمهلني عاماً آخر
ضجرت مني الكرسي والأوراق والنوافذ
ضجرت مني الأفكار التي اخافتني
وضجر مني خوفي
وأسلمتني الدروب إلى الدروب
وأسلمتني الأبواب إلى الأبواب
وما ظللتني البيوت
وما آوتني الظلال
وكل مائدة بلا ملح كانت
ولي في الأرجاء خطوات ضالة
يجمعها الصدى في المكان البعيد
وقلبي قربة من البكاء
وجسمي فزاعة طير
نُصبت في برية موحشة
حيث لا تنضج ثمار
خذني الآن
ان كنت لا تأنفُ الحطام
اجمع ما استطعت منه
ما عاد يجديني
اجمع ما تبقى:
صورة لي ممزقة بين أرضية البلاط وسلة المهملات
حفنة تعب وهزال ورعشة في اليدين
ضجر واشتهاء عاجز
وقسوة ان أُريد ما احب
وان افقد ما احب
وان اجعل البقاء
تمارين عادة
كالعيش
او التدخين
وأود الشفاء منها
ولا شفاء
خذني الآن
بلا ألم
بلا حيرة
أغلقتُ المناور والكُوى
وأشعلت ناراً
في حطب الإنتظار
فليس محزناً
او كئيباً
او مؤلماً
أن تقطع الأرومة المهملة
في وعر مهمل
وأن تطفئ الهواء
والفراشة
وشبح الضوء
والنافذة
والبصر
والشم
واللمس
والإصغاء
اجمع ما استطعت مني،
ما تبقى:
العين التي تُبصر
اليد التي أيْبَسَت الوردة ويَبِسَت حزناً عليها
والفم الذي ما أعانه النطق
يوماً
وما أعانه الصمت.