منبر حر لكل اليمنيين

السفير أحمد علي وعقوبات المزاج الدولي

425

من يتتبع مسار العقوبات الكيدية التي قررتها القوى الدولية بين ليلة وضحاها ضد الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح ونجله السفير أحمد علي، وإدخال البلد تحت البند السابع منذ العام 2014 و 2015، سيجد حجم الضيم والمكيدة التي تم حياكتها بأثر رجعي؛ للانتقام من أفراد كانوا على رأس سلطة لأكثر منذ ثلاثة عقود ملتزمين بكل البرتوكولات والعلاقات الدولية وحقوق الجوار العربي والإقليمي، بل أنهم كانوا حاضرين في مراحل عديدة كوسطاء بينيين من خلال مواقعهم الرفيعة ومحل تقدير عند الجميع؛ سواء في القضية الفلسطينية أو بعض مشاكل الجوار الأفريقي والعربي عمومًا.

ثانيا سيكتشف المتتبع أن تلك العقوبات التي تجاوز عمرها اليوم 8 سنوات، بأنها كانت مدروسة ومخطط لها بدقة عالية، بدليل انه لم ينفذ من القرار (2216) أي شيء فيما يخص الحوثيين والقيادات التي أشعلت الحرب، ولا زالت حتى اللحظة مستمرة في زراعة الألغام وضرب الصواريخ على مناطق واعيان مدنية ومواطنين عزل وتهديد مساري الملاحة الدولية وعملية السلام.

لم يتغير شيء منذ ثمانية أعوام باستثناء تقوية المليشيا وإقصاء أهم الأطراف الفاعلة في البلد، ورغم استشهاد الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 4 ديسمبر 2017م داخل منزله بعد مهاجمة مليشيا الحوثي له، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لأن يعاد النظر في مسألة العقوبات التي لم يكن لها أي مصوغ قانوني سوى أن هناك أطراف سياسية محلية وإقليمية ودولية قررت وبنوع من المزاجية فرض القيود خدمة لقوى الفوضى والتي لديها مطامع وطموحات على حساب البلد كله.

العقوبات وبحسب المراقبين كانت نتاج غل سياسي لا أكثر افرزته احتجاجات الربيع العربي 2011 بدعم بعض الأنظمة التي ركبت الموجة وهدفها الإطاحة بمقومات وقدرات بعض البلدان التي تم اختيارها بالاسم والجغرافيا، وكانت اليمن واحدة من هذه الرقع الجغرافية ذات الأهمية الإستراتيجية والقوى البشرية والسياسية، وبفضل كل هذه المدخلات تحولت لبلد ممزق ونظام فاشل تماما ومؤسسات مدمرة ومنهارة.

السؤال هنا ما الجناية التي ارتكبها الشهيد علي عبد الله صالح وأولاده ليتم معاقبتهم بعد أن خرجوا من السلطة وسلموا زمام الجيش والأمن والمالية وكافة المؤسسات للقوى والشخوص الذين تم اختيارهم وفق “المبادرة الخليجية” و “مؤتمر الحوار الوطني”؛ بل أن نجل علي عبد الله صالح سلم مؤسسة الحرس الجمهوري بكل قدراتها منذ اليوم الأول لعزله، واستجاب لذلك وذهب سفيرا في دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا يزال فيها حتى اللحظة نتيجة تلك العقوبات، هكذا يثبت العقل والمنطق أن ما جرى مجرد عبث لا أكثر ومخطط مدروس.

والسؤال الأبرز أيضا ما هي الفائدة من تلك العقوبات وما هو مردودها؟ وقد تم تسليم البلد لمجموعة من العصابة التي أغلقتهُ على كل المستويات، باستثناء تهريب السلاح وإقامة علاقات مشبوهة مع جماعات إرهابية وعصابات المخدرات وأنظمة ظالعة وموغلة في الدم العربي.

نحن اليوم أمام تساؤلات عديدة ومريرة يجب أن نضع عليها عشرات من علامات التعجب والاستفهام، بمعنى أنه لا بد على كافة الأطراف بما فيها القوى المحلية، إعادة ترتيب أوراقها، وان ترفع صوتها تجاه هذه العقوبات كون المعنيين مواطنين يمنيين تعرضوا لكل اشكال الظلم والتهجير والقتل والتعسفات والاعتقالات.

لا بد أن تكون هناك وقفة جادة وإنسانية تزيح الستار عن هذه المسرحية المكشوفة، وتلغي الصفة التي تجعل من الدول الإقليمية التحكم بمصير الأشخاص والقرارات وكأنها تريد من الآخرين الإذعان لها بأي شكل.

أحمد علي عبد الله صالح هو مواطن يمني عربي حر في الأول والأخير وليس مواطنا خليجيا ولا سعوديا، له كامل الحقوق في التحرك والسفر والتصرف بحياته بما لا يضر أي أحد أو كيان شرعي.

لقد أثبت النظام السابق بقيادة الرئيس الشهيد صالح انه كان حريصا كل الحرص على إظهار اليمن بما يليق بتاريخه ومشروعه الديمقراطي الناشئة، وقيمه الثابتة وانسانه الصلب وجذوره، سواء من خلال عمل اتفاقيات السلام مع محيطه السياسي والاجتماعي في السعودية، سلطنة عمان، ارتيريا، وجيبوتي، أو مع حقوق المواطن اليمني، رافضا محاكمة أي شخص حتى الذين كان عليهم تهم في الإرهاب، واستطاع أن يكون ندا قويا للقوى الكبرى بما يضمن مصلحة كل الأطراف وبما لا يخل بالأمن الإقليمي والدولي ويعود على اليمن بالصورة اللائقة به.

على الجميع أن يتذكر ذلك في ظل هذه الفوضى والفلتان الأمني وان يعيد الحسابات بما يكفل تطبيع الأوضاع وإعادة الحقوق كاملة لأصحابها ممن فقدوها دون استثناء فالجميع مواطنون متساوون امام القانون سواء أحمد علي عبد الله صالح أو أي مواطن غيره، وليس هناك من خيار سوى التحلي بالشجاعة السياسية والأدبية وإعادة النظر في كل هذه المتون والهوامش والتفاصيل المهمة والدقيقة التي من شأنها عودة الصف الجمهوري والتلاحم الوطني دون مناطقية أو عنصرية أو طبقية أو حسابات كيدية لا تخدم أي رؤية أو عملية سلام مستدامة.
والله غالب على أمره..!!

تعليقات