يتطلع اليمنيون أن يعلن الانتقالي الانفصال كي يتحرروا من حكومة معين عبد الملك
إن اللقاء التشاوري الذي سيعقده المجلس الانتقالي اليوم الخميس يعد اختبارا صعبا له ، أمام جمهوره ، والاختبار المقصود هو ، كيف سيتعامل مع مجلس القيادة الرئاسي الذي يمثل الشرعية المفترضة والتي يملك المجلس الانتقالي نصفها وفقا لاتفاق الرياض الأول والثاني ؟
يذهب المحللون السياسيون إلى التساؤل حول ، ما الذي سيفعله المجلس في لقائه التشاوري أكثر من الذي فعله في ٢٠٢٠ ، حينما أعلن الحكم الذاتي ، ليعود بعد ذلك ليوقع على اتفاق سلام في شهر نوفمبر من نفس العام والقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية ودمج ميلشياته تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا ، مضى في المشاركة السياسية وامتنع عن دمج ميلشياته في الجيش الوطني .
وبالرغم مما سبق ذكره وتأكيدا على عجز الانتقالي من الإقدام على اتخاذ مثل هذه الخطوة ، إلا أن قطاعا واسعا من الشعب اليمني ، يتمنى أن يقدم المجلس على مثل هذا القرار ، لكي يتحرروا من حكومة معين عبد الملك التي مارست الفساد حتى أوصلت اليمن إلى المرتبة ١٧٧ في ترتيب الدول من أصل ١٨٠ دولة ، إضافة إلى ذلك ، فإن الإقدام على إعلان الانفصال ، سيجعل صراع النفوذ والمصالح بين السعودية والإمارات يظهر إلى العلن ، وسيعري المجلس أمام أنصاره .
وبالرغم من أمنياتنا بأن يقدم الانتقالي على مثل هذه الخطوة لنتحرر من حكومة معين عبد الملك ، إلا أنه لن يستطيع المضي في هذا الطريق ، ليس لأن القوانين الدولية لا تدعم الانفصال فحسب ، ولكن لأنه لا يملك إجماعا في الجنوب ، ولا يوجد طرف رسمي يوقع معه الانفصال ، ففي القانون الدولي ليس هناك حق للانفصال مالم يتفق الطرفان عليه ، وهذا غير متاح في وضع اليمن .
ولكي يتم الانفصال ، يشترط أن يكون هناك شعب ليستطيع الاعتماد على حق تقرير المصير ، وأن يكون هذا الشعب يتعرض للاضطهاد ، وهنا من يحق له المطالبة بالانفصال الشماليون وليس الجنوبيون ، لأن الشماليين يتعرضون للاضطهاد من قبل الانتقالي ومقصيون من ممارسة السلطة في مؤسسات الدولة الموجودة في العاصمة المؤقتة عدن .
كما قلت ، إعلان الانفصال ، سيكون له إيجابيات كثيرة ، سيحررنا من حكومة معين عبد الملك ، وسيعمل على انهيار التحالف السعودي الإماراتي وسيقود إلى حدوث تغيرات جوهرية ، سواء في التحالفات الداخلية ، أو على مستوى المنطقة ، فمهما تطابقت مصالح السعودية مع الإمارات ، إلا أنها لن تسمح للإمارات أن تنتزع منها موطئ قدم استراتيجية فيما تعتبره الحديقة الخلفية لها ، لذلك لقاء اليوم ، ما هو إلا خلط للأوراق بتشجيع إماراتي للمضي نحو الاستفراد بحزب الإصلاح في الجنوب ، وترك السعودية تواجه مصيرها مع الحوثيين في الشمال ، ولن تكون الإمارات متحمسة للانفصال ، ليس حبا بوحدة اليمن ، بل لأنها لا تريد دولة جديدة تتحمل أعباءها ، بقدر ما تريد جنوبا مضطربا ودولة موحدة ينخرها الضعف ، وشرعية بلا عاصمة .