ماذا تريد السعودية لكي ترفع العقوبات عن أحمد علي عبدالله صالح؟
قبل أيام عاد كل طرف من أطراف الحرب بقريب له أو صديق ، تبادلت الأطراف أسراها ، حتى فيصل رجب الذي لم يكن ضمن المقربين أو الأصدقاء ، فقد أجمعت قبائل أبين رحلها وذهبت إلى الحوثيين وعادت به إلى أبين ، وقد كان السعوديون كرماء مع الحوثيين وأطلقوا لهم ما يزيد عن أربعمائة أسير بدون مقابل ، لأنهم لم يجدوا لهم أسرى يبادلونهم بهم ، وكان اللافت للنظر ، بقاء محمد قحطان في معتقل الحوثيين ، بالرغم من مطالبة مجلس الأمن بأحد قراراته بإطلاقه ، فلا حزبه طالب به ولا قبائل محافظته ، يشاطره في المعتقل ، ولكن بطريقة أخرى أحمد علي عبدالله صالح الذي مازال يدفع ثمن المواقف السياسية التي تبدلت وتغيرت ، لكن العقوبات لم تتغير .
من يقرأ حيثيات العقوبات المفروضة عليه يصاب بالضحك الهستيري ، لأنها اعتبرته مهددا للسلم أو الأمن الدولي ، وأنه وزع أسلحة آلية على جنود الحرس لشراء ولائهم ، لم يسأل واضع القرار نفسه ، كيف يشتري ولاء جنود يرأسهم ؟ ولم يكلف متخذ القرار نفسه للوقوف أمام إقالة الرئيس هادي له وتعينه سفيرا في دولة الإمارات وقبوله بتلك القرارات دون ممانعة ، والأهم من هذا كله ، أن الأسباب التي أدت إلى العقوبات قد زالت ، والحيثيات قد انتهت ، ومن الطبيعي أن ترفع العقوبات .
ونحن هنا نسأل المملكة العربية السعودية ، كونها تملك قرار رفع العقوبات ، ماهي الشروط المطلوبة ليستكملها أحمد علي عبدالله صالح ،لتنقله من معسكر الخصوم إلى معسكر الحلفاء ، خاصة وأن السعودية التي كانت تتهم أحمد علي بالتعاون مع الحوثيين ، قد تفاوضت معهم ، وأسقطت عنهم المطالبة الدولية بإنهاء الانقلاب وتسليم السلطة والسلاح ، ومنحتهم الشرعية ، فإذا كان أحمد علي سيء ، فلن يكون أسوأ من الحوثيين ، فلا يوجد أي مبرر لاستمرار العقوبات عليه ، بل إن رفعها يعد استثمارا حقيقيا ويخدم التوجه نحو السلام .
لقد مدت السعودية يدها إلى الحوثي ، وهو مازال يمارس سياساته العقيمة ولم يوقف حربه العبثية التي مارسها في أنحاء مختلفة من البلاد ، بينما أحمد علي أوفى بكل التزاماته ويمكن الرهان عليه في المرحلة القادمة لتحقيق توازن حقيقي يثبت مبدأ السلام ، فهو مازال يملك أوراقا مهمة على صعيد الملف السياسي ، ولم يمارس أي عمل يقوض أو يعرقل العملية السياسية ، واستمرار العقوبات لن يؤدي إلا إلى تقوية الحوثيين ، كما أن الاستمرار في مثل هذه العقوبات لن تحل أزمة اليمن ، واستمرارها يمنع أي جهود للتعافي ويعد خرقا للمبادئ الأساسية للقانون الدولي .
مادامت المملكة العربية السعودية تقود هذا الانفتاح ، تحت سقف تحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة اليمنية وإرساء السلام ، فإنه من الأولويات رفع العقوبات عن أحمد علي ، تحقيقا للمطالب اليمنية الرسمية والشعبية ، فقد طالب مجلس القيادة الرئاسي برفع العقوبات عنه ، وكذلك هيئة المصالحة الوطنية وهيئة مجلس الشورى والنواب ، وعبر عن ذلك أفراد من الشعب اليمني الذين غردوا بملايين التغريدات ،
فماذا بقي أمام المملكة لكي تقدم على ذلك ، هل تريد أن تجتمع قبائل اليمن وأحزابها وتتجه نحو المملكة وتخيم أمام القصر الملكي ، مثلما فعلت قبائل أبين التي ذهبت إلى صنعاء مطالبة بإطلاق فيصل رجب الذي تخلت عنه الشرعية مثلما تخلت عن محمد قحطان المشمول معه بالقرار الأممي ؟!
إن رفع العقوبات عن أحمد علي عبدالله صالح ، يعد حقا من حقوقه كمواطن يمني قيدت حريته لأسباب قد زالت ، ولم يكن هو المسؤل عن هذه الحرب التي قتلت مئات الآلاف من اليمنيين وخلفت مئات الآلاف من الجرحى واليتامى والأرامل وملايين من الفقراء والمعدمين ، فمن ارتكبوا ذلك قد تم التفاوض معهم ، كما أن ثمان سنوات من العقوبات لم توقف الحرب ، وهذا يدل بأنه لا علاقة له بمجرياتها ، وطالما أن المملكة قد تصالحت مع خصومها واتفقت مع الإيرانيين وتقاربت مع النظام السوري وتفاوضت مع الحوثيين وعبادات الأطراف الأسرى، فإنه من باب أولى أن تسعى إلى رفع العقوبات عن أحمد علي عبدالله صالح ، وقد سبق لها أن ساهمت في رفع العقوبات عن السودان مقابل مشاركتها في التحالف العربي ، فيكفي أحمد علي أنه خلال هذه الفترة لم يكن محرضا على الحرب ، بل إن أباه وحزب المؤتمر قادوا انتفاضة ضد الحوثيين ، ودفع أباه حياته ثمنا لتلك الانتفاضة .