مَدخَلٌ لِلمَلَكُوت
إلى البحار الكبير جمال أنعم
“هو إبحارٌ حُرٌّ في الفضاءات المفتوحة، في كل ما يأخذنا إلينا، إبحار في عمرٍ من الشغف باتجاه الروح، بحثًا عن الذات والجذور والامتداد والاعتداد، تتبعًا للينابيع والروافد، وتلمسًا للمعنى ولجوهر الوجود”
*جمال أنعم.
.
/مَدخَلٌ لِلمَلَكُوت\
لِيَ مِنهُ مَنَازِلُ الوَعيِ وَالحِكمَةِ فِي الالتِزَامِ وَالامتِثَالِ
وَكَأَنِّي بِهِ يَقُولُ لِيَ الآنَ كَثِييييرًا..
عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ:
خَاصَّةً
حِينَ تَرتَقِي
فِي خَوَاصِكْ
وَتعِيقُ الحَيَاةُ
مَعنَى اختِصَاصِكْ
وَتَرَى النَّاسَ/ أَكثَرَ النَّاسِ بُعدًا
خَارِجَ المُحتَوَى..
بِعَينِ انتِقَاصِكْ
حَدِّثِ الشَّاهِدَ الضَّمِيرَ بِصِدقٍ
وَاستَعِذ بِالسَّمَاءِ
مِنْ أَقفَاصِكْ
تَركُكَ الذَّنبَ
خَشيَةً أَوْ حَيَاءً
هُوَ مِنْ نَفسِكَ ابتِدَاءُ اقتِصَاصِكْ
فَلتَكُنْ مُخلِصًا مَعَ الرُّوحِ غَيبًا
كُلَّمَا غِبتَ، سَاعِيًا
فِي خَلاصِكْ
إِنْ أَرَدتَ
الخَلاصَ سِرًّا وَجَهرًا
“لا تُعَوِّل إِلاَّ عَلَى إِخلاصِكْ”
.
.
.
.
\مُحَاوَلَةٌ لِقَولِ شَيءٍ فِيْ حَضرَةِ النُّور/
.
أَبحَرتَ فِي مَلَكُوتِ الرُّوحِ إِبحَارَا
تُفَلسِفُ المَاءَ لِلطِّينِيِّ وَالنَّارَا
تُؤبجِدُ العِطرَ فِي أَسمَى عَوَاطِفِهِ
تُلقِيْ الجَمَالَ نَبِيًّا فَاضَ أَنوَارَا
تَستَقرِئُ الحَيَوَاتِ الآنَ عَنْ قَدَرٍ
وَتُلهِمُ الفَرحَةَ الإِنسَانَ أَقدَارَا
بِدَمعَةٍ تَملأُ الأَروَاحَ عَافِيَةً
بِشَمعَةٍ تَملأُ الآفَاقَ أَقمَارَا
تُبدِي لِكُلِّ زَمَانٍ وَجهَ حِكمَتِهِ
تُنَقِّحُ الوَقتَ مِنْ عَينَيهِ أَفكَارَا
تُعِيدُ لِلعَالَمِ المَغمُورِ رَونَقَهُ
وَلِلحُقُولِ تِضَارِيسًا وَأَشجَارَا
تُعطِي الخُطَى حَقَّهَا مِنْ كَونِهَا، وَعَلَى
وَقعِ الحَنِينِ، تَقِيسُ الكَونَ أَسفَارَا
مِنْ عُمقِ كُلِّ بَعِيدٍ نِلتَ جَوهَرَهُ
فِي رَأسِ كُلِّ ذُهُولٍ تَبتَنِيْ دَارَا
جَوهَرتَ أَفئِدَةً مِنْ حُزنِهَا صَدِئَتْ
كَمَنْ يَرُدُّ اعتِبَارَ الصَّمتِ أَوتَارَا
أَخبَرتَ عَنْ مُعطَيَاتِ الذَّاتِ فِي بَشَرٍ
عَظِيمَةً جَسَّدُوا فِي الخَلقِ آثَارَا
وَعَنْ مَآثِرِ أَقوَامٍ كَعَادَتِهِمْ
يَنسَونَ أَنفُسَهُمْ فِي الأَرضِ أَخيَارَا
يَا فَارِدًا فِي الفَضَاءِ الرَّحبِ أَجنِحَةً
وَمُمسِكًا بِلِحَى الغَايَاتِ أَخطَارَا
وَمُمطِرًا أُمنِيَاتٍ عَذبَةً وَهَوًى
أَحَنَّ مِنْ سَالِفِ العُشَّاقِ تِذكَارَا
أَنتَ المُعَنَّى بِإعمَارِ العُقُولِ هُنَا
تُعِيدُ مَا انقَضَّ مِن فِكرٍ وَمَا انهَارَا
أَعَدتَ تَرمِيمَ أَوطَانٍ مُهَشَّمَةٍ
وَعيًا.. وَأَعمَرتَ فِيهَا الوَعيَ، إِعمَارَا
وَالوَاقِفُونَ عَلَى أَهوَالِ عَالَمِهِمْ
رَأَيتُهُمْ يَدفُنُونَ الذُّلَّ وَالعَارَا
مُستَبشِرِينَ بَآتٍ لا ضَيَاعَ بِهِ
وَلا ضَلالَةَ.. لا يَخشَونَ أَوعَارَا
يُشَارِكُونَ العَصَافِيرَ الغِنَاءَ كَمَا
لَوْ أَنَّهُمْ خُلِقُوا فِي الأَصلِ أَطيَارَا
رَأَيتُهُمْ فَرِحِينَ.. النُّورُ فِي دَمِهِمْ
يَبُوحُ لِلعِشقِ آيَاتٍ وَأَشعَارَا
زَرَعتَ فِيهِمْ بِذَارَ السَّعدِ مَعرِفَةً
تَفَتَّحُوا فِي المَدَى الفِضِّيِّ أَزهَارَا
كَانُوا أُسَارَى ظلامٍ.. كَانَ أُشَجَعُهُمْ
صَبرًا.. يَظَلُّ سَجِينَ اليَأسِ مُنهَارَا
كَانُوا عَبِيدَ ثَقَافَاتٍ مُحَاصَرَةٍ
صَارُوا كَمَا شَاءَتِ الآيَاتُ أَحرَارَا
إِخلاصُهُمْ -مِثلَمَا أَخبَرتَ- خَلَّصَهُمْ
مِنَ المَتَاهَاتِ إِقبَالاً وَإِدبَارَا
لَم يَقصِمِ المُنتَهَى ظَهرَ الحُقُولِ وَقَد
ظَلَّتْ وَصَايَاكَ لِلأَلبَابِ أَثمَارَا
“صَارِع صِرَاعَكَ” عَاشُوا جَوَّهَا وَمَضَوا
عَزمًا يَزِيدُونَ مَعنَاهُمْ وَإِصرَارَا
عَلَى الدُّجَى انتَصَرُوا حِسًّا وَعَاطِفَةً
وَأَصبَحُوا يُبهِرُونَ الدَّهرَ إِبهَارَا
ثَقَافَةُ الصَّفحِ، إِنسَانِيَّةً صَنَعَتْ
فِيهِمْ.. فَلَمْ يَحمِلُوا حِقدًا وَلا ثَارَا
وَمُطمَئِنِّينَ بَاتُوا فِي أَمَاكِنِهِمْ
لا خَافَ سربٌ أَتَى، لا خَافَ مَنْ سَارَا
أَبحَرتَ فِي كُلِّ أَبعَادِ النَّجَاةِ بِهِمْ
وَزِدتَ هَذَا السَّلامَ البِكرَ، إِبكَارَا
تَحنُو عَلَى كُلِّ حَيٍّ دِفءَ أَمكِنَةٍ
تُذِيبُ بِالشَّوقِ وَالتَّحنَانِ أَحجَارَا
تَبكِي مُرِيدِيكَ مِنْ عَينِ اليَقِينِ وَقَد
تَفَجَّرُوا مِن شُقُوقِ الوَجدِ أَنهَارَا
تَفِيضُ لُطفًا، كَثِيرًا كَم تَفِيضُ، وَلا
تَحكِيْ لِنَفسِكَ: قَد أَكثَرتُ إِكثَارَا
فَالشُّحُ “لَيسَ أَخًا لِلفَجرِ، لَيسَ أَخًا
لِلشَّمسِ”.. لا كَانَ فِيْ يَومٍ وَلا صَارَا
شُكرًا كَثِيرَكَ شُكرًا.. كُلُّهُ وَهَجٌ
يَعنِيكَ.. يُحيِيْ بِمُوسِيقَاهُ أَقطَارَا
أَمَامَ عَينَيكَ صَلَّتْ كُلُّ جَارِحَةٍ
شُكرًا.. وَكَانَ مُصَلَّى الشُّكرِ مِنظَارَا
يُقَرِّبُ الصَّوتَ رَقمِيًّا.. يُبَعِّدُهُ
مَؤَبجَدًا.. يَكتُمُ الأَنفَاسَ أَغوَارَا
وَحَالَةُ الطَّقسِ لَن تَعلُو عَلَيكَ، وَلَو
قَدرًا يَسِيرًا.. وَلَنْ تُدنِيكَ مِقدَارَا
لأَنَّ كَونَكَ يَدرِيْ مَا يُحِيطُ بِهِ
وَلَيسَ بِالمَاوَرَائيَّاتِ مُحتَارَا
تَقِيسُ نَبضَ المَرَايَا بِالمَجَازِ، كَمَا
تَقِيسُ مَوجًا -حُلُوقُ الصَّخرِ- هَدَّارَا
تَهِشُّ سِربَ الحِكَايَاتِ المُثِيرَةِ، مِنْ
أَقصَى الحَيَاةِ، بِشَارَاتٍ وَإِنذَارَا
وَكُلَّمَا ضَجَّ حَولَ المَتنِ مُعتَقَدٌ
حَرَّكتَ فِي هَامِشِ المَعلُومِ أَوتَارَا
غَنَّيتَ لِلعِطرِ فِي جَوفِ الدُّخَّانِ، وَكَمْ
أَطفَأتَ مَكرًا، بِنَايِ الحِلمِ، كُبَّارَا
غَنَّيتَ لِلحُبِّ فِي عَصرِ الخِيَانِةِ.. لَمْ
تَأبَهْ بِمَنْ لَفَّ، لَمْ تَأبَهْ بِمَنْ دَارَا
مُستَدرِكًا مِن مَقَامَاتِ السَّكِينَةِ، مَا
يَكفِي البَرِيَّاتِ يَومَ العَرضِ أَستَارَا
يَا أَنتَ فِي سِدرَةِ الكَونِيِّ، مُبتَهِجًا
بِالمُشتَهَى، تَحتَفِي بِالحُبِّ إِيثَارَا
يَا أَنتَ يَا مَدَدَ المِصبَاحِ، يَا لُغَةً
تَحُطُّ عَنْ كَاهِلِ الإِصغَاءِ أَوزَارَا
هَذَا مقَامُ السَّمَاوِيِّينَ مِن أَزَلٍ
يَرَى السَّمَاوَاتِ كَم تَبدُو لَهُم غَارَا
هَذَا مقَامُكَ، تَجوِيدُ الوُجُودِ عَلَى
نَجوَاهُ دَورٌ، يُؤَدِّيْ فِيكَ أَدوَارَا
ِهَبنِيْ مُعَادَلَةَ الدَّورِ الأَخِيرِ إِذَنْ
إِنِّيْ بَقَولَةِ (هَبنِيْ) لَستُ أَمَّارَا
لَكِنَّ كَينُونَةَ الأَفلاكِ مُغرِيَةٌ
وَأَنتَ أَغرَى مَسَافَاتٍ وَتَيَّارَا
أَبحَرتَ فِي مُطلَقٍ لِلفِيزِيَاءِ، وَقَدْ
حَمَلتَ عِلمًا لَدُنِّيًّا وَأَسرَارَا
أَبحَرتَ حَتَّى تَجَلَّى اللَّهُ فِيكَ، وَلَمْ
تُبدِ الحَقِيقَةَ لِلإِمعَانِ، إِظهَارَا
لأَنَّ هَذَا الثَّرَى أَعمَى.. وَكَمْ وَطَنٍ
يَضِيقُ فِي وَاجِهَاتِ العُمرِ مشوَارَا
كُثبَانُ رَملٍ هِيَ الأَوطَانُ.. يَا سَفَرًا
فِي الغَيبِ.. لا تُنصِفُ الكُثبَانُ بَحَّارَا
وَرغمَ كُلِّ جُحُودٍ، لا تَرُوحُ سُدًى
ذَاتٌ مِنَ الذَّاتِ، نَالَت مِنكَ إِكبَارَا
يَأتِي وُجُودٌ يُسَمِّيْ الخُلدَ فِيكَ، وَفِيْ
مَنْ لَمْ يَكُونُوا بِهَذَا النُّورِ كُفَّارَا