منبر حر لكل اليمنيين

يسألني كثيرون هل التقارب السعودي الحوثي سينهي الحرب في اليمن ؟

33

لست بحاجة للقول ، إن أي حرب في هذا الكون في أي زمان أومكان لابد أن تفضي في النهاية إلى سلام ، لكن السلام لا يتحقق إلا بإزالة الأسباب التي أدت إلى الحرب ، والحرب في اليمن قامت على أسباب ظاهرة وخفية ، فالأسباب التي دفعت السعودية إلى خوض الحرب في اليمن كما قالت ، هي إنهاء انقلاب الحوثيين وإعادة الشرعية ، أما الحوثيون فقد خاضوا الحرب على أساس استعادة كرامة اليمنيين وسيادة بلادهم وإنهاء الفساد والتبعية للسعودية .

والسؤال الذي يطرح نفسه : على ماذا سيرتكز السلام والحوثيون مازال يسيطرون على السلطة ، ليس هذا فحسب ، بل إنهم يعتقدون أنهم عيال الله ولديهم وصية بالإمامة وقد اصطفاهم الله لتطبيق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ، وأي معارضة لهم هي بمثابة معارضة لله ورسوله ، وعلى هذا الأساس منحوا أنفسهم الحق في اتباع كافة الأساليب لقمع المعارضين لأفكارهم ويكنون العداوة للديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان وحرية التعبير والحق في الحياة ، وبالمثل السعودية ، قضت على الشرعية وعلى التعددية وقدمت لليمنيين ثمان جثث محنطة ، ليس لديها مكان في طول اليمن وعرضها لعرض هذه الجثث فيه ، فإذا كيف سيتحقق السلام وجميع الأسباب التي أدت إلى الحرب مازالت قائمة ؟

وإذا ربطنا بين صورة السفير السعودي في واشنطن وهو يعلن الحرب من هناك وصورة السفير السعودي وهو في صنعاء يتبادل الأحضان مع قيادات حوثية سيتأكد لنا الأمر بأن السعودية لا تسعى إلى السلام ، بل تريد إغراق اليمن بمزيد من الحروب بعد أن تركت وراءها العديد من المليشيات الكفيلة بتعطيل الدولة ، وسنكون بلهاء إذا ساوينا بين انخراطها في الحرب عام ٢٠١٥، وبين ظهور سفيرها محمد آل جابر في العاصمة المحتلة صنعاء .

يجب ألا نخدع أنفسنا بالاعتقاد بأن سقوط الحوثي كان صعبا ، فقد كان الجيش والمقاومة يحققون تقدما ملموسا ، لكن استراتيجية ما تدخلت لتفكيكه وتفكيك الجبهات وضربت المعنويات وتم تجريد الجيش على عجل بين عشية وضحاها من الأسلحة الثقيلة ومنع من التسليح ، في الوقت الذي تركت جميع الطرق مفتوحة أمام الحوثيين للحصول على السلاح ولترك قرار الحرب بأيديهم ، هم الذين يحددون مكان المعركة وزمانها ، ومثلما أن السعودية كان قرارها دخول الحرب خاطئا ، فإن خروجها منها بتلك الطريقة أيضا خاطئا .

إن دخول السعودية الحرب عزز من دور الحوثيين ومكنهم من تجنيد قطاع واسع من اليمنيين لمواجهة العدوان ، وخلال الثمان السنوات فإن السعودية لم تخض الحرب ضد الحوثيين ، بل خاضتها ضد الدولة اليمنية ، ولهذا نجدها سارعت إلى دعم انقلاب آخر في عدن يضاهي انقلاب الحوثي في صنعاء ، وأبقت سلطة الشرعية التي صنعتها رغما عن اليمنيين في الرياض ، ومن هنا فإن ذهابها إلى صنعاء بدون استشارة اليمنيين يجعلها مهددة بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية للقوى الخليجية ، وعلى القوى الجمهورية أن تتعلم مما مضى وتعمل على تحديد مصالحها بصورة استراتيجية واضحة ، وألا تستسلم لوهم السلام الذي لن يأتي طالما والأسباب التي أدت إلى الحرب مازالت قائمة وليس هناك رغبة لإزالتها .

تعليقات