منبر حر لكل اليمنيين

لماذا تصر السعودية على أن تلعب دور الوسيط بين الأطراف اليمنية وتتهرب من مسؤوليتها القانونية ؟

6

قبل تسع سنوات شنت السعودية حربا على اليمن تحت ذرائع كاذبة زعمت بموجبها أنها دخلت الحرب لقطع يد إيران في اليمن وإسقاط انقلاب الحوثيين وإعادة الشرعية إلى صنعاء ، كانت تلك الأهداف المعلنة لشن الحرب ، بعيدا عن مبررات الحرب نفسها ، أعترف أن البعض سيعتبر هذا القول ساذجا وخاصة أولئك الذين مازالوا يدافعون عن السعودية ، لكن متابعة السياسة السعودية تعطينا إشارات عديدة على كون ما حدث كان يستهدف الدولة اليمنية وليس الحوثيين .

يحزنني أن السياسيين لا يودون الاعتراف بما أصبح واضحا للجميع ، فقد كانت الحرب لتقسيم اليمن وإسقاط الدولة وتفتيت المجتمع اليمني وتعزيز الدعوة الانفصالية بل وتشجيعها وتفكيك الأحزاب السياسية وهاهي اليوم تكره اليمنيين وتدفعهم بالإكراه لما تطلق عليه حوارا مع الحوثيين وهي التي كانت ترفض هذا الحوار حينما كان علي عبد الله صالح موجودا ويشكل توازنا حقيقيا ، وحينما كان الحوثي مازال ضعيفا وغير قادر على تهديد السعودية .

فإذا كان التدخل السعودي قد أنجز شيئا ، فإنه قد دمر النظام السياسي لصالح الحوثي ومنع الشرعية من استعادة مؤسسات الدولة واختطفها خلال التسع السنوات داخل الرياض وأفشلها في تأسيس نظام سياسي تشاركي قائم على إشراك الجميع ، كل ذلك لم يكن من قبيل المصادفة ، بل كان مخطط له بهدف إحداث الانقسام وتدمير النظام السياسي وتركه فريسة لعصابة الحوثي الإرهابية .

هاهي اليوم تتفق مع الحوثيين بأن تكون وسيطا ، ولا يهم ما يعلنه الحوثيون من رفض ، إنما ذلك متفق عليه كي تزيد حصتهم من المال ، فخلال الساعات القادمة سيصل الحوثيون إلى مكة بعد أن وصل إليها من هيأتهم الرياض باسم الشرعية ليغسل الجميع أيديهم من دماء مئات الآلاف من اليمنيين الذين قتلوهم خلال الحرب ويريحوا ضمائرهم من تحمل أزمة أكثر من ٥ مليون مهجر ونازح داخل البلاد وخارجها .

بعد تسعة أعوام سيذهب الحوثيون إلى مكة لاستلام ثمن ما قاموا به من قتل وتدمير ، فكم قتلوا وأعدموا تحت ذريعة العدوان ، وهناك محكومون ينتظرون الإعدام بتهمة التخابر مع العدوان ، في الوقت الذي يتهيأ فيه الحوثيون للذهاب إلى مكة للتوقيع على دماء الشعب اليمني وعلى ثمن الديمقراطية والتعددية السياسية وثمن السيادة الوطنية ، وإلا كيف نفسر رفض السعودية الحوار في الوقت الذي لم يكن الحوثيون يمتلكون أي قوة ويتحاورون معهم في الوقت الذي أصبحوا يملكون ترسانة أسلحة تطول المملكة والمسألة لا تقتصر على الحوثيين فحسب ، بل تقع أيضا على عاتق السياسيين الذين برروا للسعودية بالأمس حربها واليوم يبررون لها الإبقاء على الحوثيين بكامل قوتهم ، دون أن تزول مبررات الحرب التي قامت عليها .

تعليقات