متى ستنتهي الحرب؟
ذات ليلة اتصلَتْ حبيبتي،
قالت: إني أبكي من الرعب، صنعاء رعب..
ضُمَّني، إني أخاف من الحرب كثيراً،
كنتُ بعيداً عنها،
فبكيتُ
وقلت بصوت شجاع
أخفيتُ الشك عنه: ستنتهي الحرب..
مَشينا في الحرب التي
لم تنتهِ لأعوام،
لم نبالي بشيء،
هي تتسرَّب سامَّة بين عروقنا
ونحن نتحدث عن جويا وفرويد،
تحدينا أسواراً أعظم منّا،
كان لنا إلهاً
يحمينا من هجوم عامل المَطعم
أثناء ما نقبل بعض وراء الستارة
فلذا نشكره ليلاً على خَلق الموسيقى
ونطلب منه حماية أصدقاءنا الطيبين،
إلهاً نسميه الله
إذا قمنا من النوم
سعداء.
احتلنا على شوراع ذرفت الدماء،
صبرنا على أيام ثقيلة،
سجَّلت حبيبتي
أيامَنا المُفضَّلة منها،
اتفقنا ذات ليلة أن نسمي
ابننا جاليليو
نسبة إلى اسمي المُركَّب: عبدالجليل
وحين استيقظنا
قلنا ما هذا الهراء،
اقترَحتْ هي أن نِّخلف ولداً فقط،
فوافقتُ بشرط أن يكون كل سنة،
وضحكنا بشدة..
قلقنا كثيراً وتخاصمنا
لكنّّا في آخر كل يوم
كنا نتعامل مع بعض كناجين من الحرب.
هأنا الآن كلما سمعت خبراً عن انتهاء الحرب
لا أبتهج
وماذا قد يعنيني انتهاؤها،
أنا الذي فقدت أشياء كثيرة فيها،
أصدقاءً حميمين،
واحد منهم مات خوفاً داخل
صندوق خشبي.
أتتني أيام يأستُ فيها
ظننت أني لن أعود إليَّ،
ظننتها نهايتي،
أعمتني تلك الأيام،
قلتُ لحبيبتي حينها:
إني أخاف الوطن
والجدار
والعالم
أخاف من الجميع،
مني ومنكِ
ولا أدري كيف كانت لي الجرأة
للبوح بهكذا سرّ،
خافت هي وظنّت أن الحرب انتصرت علينا
لكني أعتذرت لها
في الغد
وكتبت قصيدة عن
موعد غرامنا الأول.
من سيبتهج لانتهاء الحرب سوى
أولئك الذين لم ينطفؤوا فيها،
لحسن حظهم أنهم غضّوا الطرف
عن أشياء كثيرة
عن مزحات الحرب الثقيلة،
عن شاب رمى نفسه
من أعلى عمارات المدينة،
وأباً قتل أبنائه قهراً.
إذا انتهت الحرب،
أي طرف سيكون المنتصر فيها،
أيهم الأبطال،
فأنا أعرف الكثير منهم،
أشخاصاً ماتوا من فرط الحنين
إلى أنفسهم،
أصدقاء حزينين قُتِلوا وهم يعانقون
أمهاتهم
جيراناً طرقوا بابنا
حين احتدمت الحرب
وقالوا: لا تخشوا شيئا
سنموت معا أو نحيا.
الحرب التي يتحدثون عن نهايتها
أعترف أنها أخافتني كثيراً
ترددت مرات كثيرة عن القفز من جبل شاهق،
أو شنق نفسي،
أو رميها أمام حافلة،
إني لا أكذب،
راودتني أفكارٌ مغرية عن الموت،
لا أدري كيف عَبَرتُ منها
وبأي جسد نجوت،
إني الآن شخص جديد،
أكثر نبلاً
ويبكي كثيراً عن أناسٍ
ماتوا في الحرب بطرق وحشية
إني الآن شخص جديد،
فَقَد كل شيء
سوى حبه للعالم،
متى ستنتهي الحرب؟