إلى أين سيذهب اليمن؟!
لقاء الرئاسي في الرياض مع التحالف والمبعوث الاممي وبعد الاتفاق السعودي الايراني محاولة للوصول الى سلام هش حيث تدور نقاشات مستفيضة لخرائط طرق تضع نهاية للحرب في اليمن، من خلال هدنة أولية طويلة ثم اطار لعملية سلام خلال سنتين كفترة انتقالية تفضي إلى ضمان تدفق النفط اليمني وتقاسمه مع المليشيات او الجزء الأكبر من موارده منه باسم الرواتب وحجة الكثافة السكانية، بالإضافة إلى حزمة ترضيات اقتصادية وسياسية تؤسس لدويلة المليشيات بحجة الواقعية العسكرية والسياسية.وتحت مسمى فيدرالية .. العمليه ستسمر سنتين ونصف بالهدنة التي وضعت كمختبر اولي ..
كل ما هو مطلوب من مليشيات الحوثي وراعيها إيران ضمان عدم التعرض للملاحة الدولية وتدفق الطاقة في البحر الأحمر، وتضغط الإدارة الأمريكية وخارجيتها بقوة من أجل ذلك، لا سيما والاتجاه الأمريكي تصفير مشكلاته وتدخلاته في الشرق الأوسط عموما، والملف اليمني يدخل ضمنا لدى الأمريكان في قلب الملف الإيراني ومقايضاته. والصين لها رغبة في تنشيط اقتصادها عبر دول الخليج وايران معا
وتلعب سلطنة عمان دوراً مركزياً في الوصول إلى الهدف المنشود.
مخرجات الحوار الوطني ومشروع الدستور الاتحادي، أصبحت في خبر كان وقصصاً رومانسية جميلة يمكن أن تُكتب كرواية سياسية في فصل ربيعي حالم، كي تحكى للأجيال وتطل على التاريخ المتناقض وتثري المكتبة السياسية اليمنية، مثلها مثل وثيقة العهد والاتفاق وغيرها من وثائق كثيرة.
تجاوز الحديث وكل المقترحات التي تتسرب والتصريحات التي تنشر، ما تم الاصطلاح عليه بالمرجعيات الثلاث، التي يبدو أنها سقطت واقعاً وأصبحت حبراً على ورق.
كل التصريحات الأممية والأمريكية متناسقة بصوت واحد، حان وقف الحرب في اليمن، بعد أن تم إغلاق ملف أفغانستان بشكل مخز للأمريكان والأمم المتحدة، تحت ذريعة الواقعية السياسية، وهي النظرية التي باتت الأقرب إلى قلب الرئيس الأمريكي وإدارته في تصفير الحروب بأي ثمن، وسياسة الاحتواء بدل المواجهة والواقعية السياسية وموازين القوى على الأرض هي من تحسم الموقف.
السياق…
في ذات السياق لم يكن تصريح الخارجية الأمريكية بالاعتراف بالحوثي كأمر واقع في اليمن مستغربا منذ عامين تقريبا.
فهذا الأمر في قلب الاتجاه الأمريكي الجديد، ولذا كان تبرير ذلك أن إزاحة الحوثي لا تأتي عبر الأماني والتمنيات، كما ورد في نص التصريح.
وهذا الأمر وإن كان صحيحاً، لكنه ليس صائباً ولا أخلاقياً، على الأقل.
وترك الشعوب لعصابات ومجموعات الدين سوف يشعل البلدان كافة بحروب مستعرة لن تكون المصالح الدولية والأمريكية تحديداً في عرض البحار آمنة حتماً.
إنه باختصار شديد، تأجيل للمشكلات إلى أمد آخر بعيد تكون فيها أكثر تعقيداً.
هذا الترحيل المميت هو ما يعمل الآن لأجله في المعضلة اليمنية، من خلف كواليس غرف السلطنة ودول أخرى يعول عليها في إحداث اختراق أو اجتراح حل ولو ظالم تكون نهايته إيقاف إطلاق النار، وإغلاق ملف الحرب شكليا وإعادة شيء من الإعمار.
هناك توافق أمريكي مع عدد من دول الإقليم بل أكثرها على ذلك، كما أن السياسة الخارجية الأمريكية متطابقة مع أفكار مجموعة الأزمات الدولية وهي معبرة عن اليسار الأمريكي بشكل كبير الذي له القول والصوت الأعلى حالياً، وموجز رؤيته وقف الحرب مهما كانت الكلفة، ومهما كانت خيارات الحلفاء مغايرة لذلك، والضغط بأي ثمن من أجل ذلك.
إنها كارثة أو طالبان أخرى ولكن بطريقة أخرى.
يمكن القول، إن الأمريكان يسقطون من أبجدية الثقة تماما لدى كل حلفائهم الذين يبحثون عن بوابات حماية جديدة أو إغلاق ملفات الخلاف مع المتربصين بهم وعمل تسويات مهينة أحياناً.
كل المقترحات لا تعبر قطعا عن تطلعات اليمنيين، ولا دول التحالف وتصب في مصلحة (الحوثي- الإيرانيين) وتغييب الدولة اليمنية، وتحولها إلى كانتونات بإشراف دولي أو إقليمي.
إيران لها مصلحة في اللحظة الراهنة في التهدئة واقتناص مكاسب جديدة لا سيما مع تفجر الملف الداخلي في الشارع الإيراني.
على سبيل الختم:
لا شك أن كل الفساد والفشل في الشرعية أسهم في ما وصل الأمر إليه من طروحات لهكذا حلول.
كما أن عدم التجانس من قيادات بين الشرعية أسهم ويسهم في هكذا حلول سياسية قد تؤسس لوضع طالبانات متناثرة في اليمن القادم، وربما يخلق يمنات وليس يمناً واحداً.
ليس هذا من باب الفأل السيئ، ولا من باب التشاؤم، ولكن من باب قرع جرس إنذار لما يدور قبل أن نسمع اللحن الحزين في نهاية الكارثة.