منبر حر لكل اليمنيين

مخذول

25

لا أستطيعُ البَوْحَ لا أستطيعْ
فإنَّ ما بَيْني وبَيْني فَظيعْ

وشاسِعٌ ما يَحْدثُ الآنَ في
حُدودِ أنفاسي، وشيءٌ مُريعْ

كَمَوْتِ أُمٍّ ليس بالقُرْبِ مِن
سُكونِها غير البُكاءِ الرَّضيعْ

كصَيْحةٍ خرساءَ في خَيْمةٍ
يَهُزُّها الآنَ جُنونُ الصَّقيعْ

كحُزْنِ مَخذولٍ يَرى حولَهُ
ولا يَرى غيرَ الفراغِ الخَليعْ

لا أستطيعُ البَوْحَ، عَرَّافَةٌ
شَمْطا تَحُزُّ الآنَ قلبي الوَديعْ

بوُسْعِ كُلِّ النّاسِ أنْ يَسْمَعوا
صَمْتي يَشُقُّ الآنَ هذا الهَزيعْ

بوُسْعِهِم أنْ يَسْمعوني كما
ليسَ بمَقْدوري أنا أنْ أُذيعْ

بوُسْعِهم أنْ يَقرأوا كُلَّ ما
يَمْحُوهُ وَعْيي مِن غبائي البَديعْ

تَعِبْتُ يا “مَأْرَبُ” والسَّدُّ لا
يسأَلُني: ما بالُ ظِلِّي صَريعْ

صَريعةٌ كُلُّ نَخِيلي التي
حَشَدتُها ضدَّ الزمانِ الوَضيعْ

وعُصْبَةٌ البَنَّاءِ ما بالُها
تُريدُ تَحْطيمَ وُقُوفي المَنيعْ؟

لا شَمْسَ في نَبْرَةِ صَوتي ولا
في أَضْلُعي للشَّمْسِ عَبْدٌ مُطيعْ

وليس عندي خُطْبَةٌ كَثَّةٌ
يَكونُ لي فيها لدَيْهم شَفيعْ

أنا هُنا في الحَشْدِ، لكنّني
في الحَشْدِ مَكْسورُ الأغاني صَديعْ

ومَسجِدي يُوشِكُ إيمانُهُ
بكُلِّ مَن صَلّوا معي أنْ يَضيعْ

أنا هُنا بالقُربِ مِن إخْوَةٍ
لي في التَّصَدّي للغُبارِ الشَّنيعْ

لكنّني وَحْدي حبيسُ الشِّتا
فيهِمْ، وهُمْ حولي ضيوفُ الرَّبيعْ

مَخْذولةٌ قاماتُ حَرْفي التي
حَقَنْتُها بالأرضِ كي لا تَبيعْ

ومُثَخْنٌ بالبُؤسِ مَن لا يرى
دَرْبًا سوى دَرْبِ النَّضالِ الرَّفيعْ

ما زالَ فرسانُ الصَّدى ضَجّةً
وبَغْلُهم خلفَ الحكايا ضَجيعْ

والثّورةُ الموتُ للصُنَّاعِها
عُرْسًا، وللأضيافِ شُكْرُ الصَّنيعْ

حُزْنُ بحَجْمِ الكَونِ يَقْتادُني
للبَوْحِ إلِّا أنّني لا أُطيعْ

لا أسْتطيعُ البَوحَ أو رُبّما
مَن يَسْتطيعُ الآنَ لا يَسْتطيعْ

إنّ العِدى حوليْ، وشَكوايَ مِن
أصْحابيَ الآنَ عَدُوُّ الجَميعْ

تَجاهِلُ الصَّحْبِ لمْثلي كما
نارِ العِدى، لكِنّني لا أَمِيعْ

أشْقى بما أحْمِلُ مِن آيةٍ
كالأَنْبِيا، لكِنّني لا أَبيعْ

2023/4/3

تعليقات