منبر حر لكل اليمنيين

القَرِيبُونَ من سَمَاوَاتِ (بَابِلْ)

25

القَرِيبُونَ من سَمَاوَاتِ (بَابِلْ)
عَلَّمَتهُم سِرَّ الحَيَاةِ السَّنَابِلْ

فالمَوَاويلُ ما تَقُولُ المَرَاعِي
وَالكَمَنجَاتُ فِي حُدُوسِ المَنَاجِلْ

واخضرارُ الحُقُولِ يَقطُرُ شِعرًا
مُستَحِيلًا، تَضِيقُ عَنهُ المَحَافِلْ

كُلَّمَا أَفزَعَ الكُرُومَ جَفَافٌ
طَرَقُوا غَيمَةً وجَاؤوا بِوَابلْ

وإذَا رَاوَدَ النَّوَافِذَ ضَيفٌ
رَقَصَت قَهوَةٌ ، وَغَنَّت تَوابِلْ

يَستَمِيتُونَ طِيبَةً وَسَخَاءً
كُلَّمَا أَقتَرَ الزَّمَانُ المُخَاتِلْ

قَبلَ هذا الضَّجِيجِ كَانوا سُكُونًا
وَفَضَاءً تُضِيءُ فِيهِ الفَضَائِلْ

لَم يُجِيبُوا نِدَاءَ (قَابِيلَ) ،
غَضُّوا عَنهُ طَرفًا ،
وَرَدَّدُوا : لا تُحَاوِلْ

قَلبُ (هَابيلَ)
_ مُنذُ مَرَّ (غُرَابٌ) _
بَينَ أَضلَاعِهم إِلى اليَومِ مَاثِلْ

عَاطِفِيُّونَ ، غَمزَةُ البِنتِ تَكفِي
كَي يَجِنَّ الجُنُونُ في قَلبِ عَاقِل

كُلَّمَا لَوَّحَت (سُعَادُ) الأَمَانِي
أو أَشَارَت إلى المَدَى بِالأَنَامِلْ

خَرَّ سَقفُ السُّكُونِ فِي قَلبِ (كَعبٍ)
فَامتَطَى صَهوَةَ الغَرَامِ المُنَاضِلْ

بَسمَةً .. بَسمَةً .. وَيَخضَّرُ حُلمٌ
فَيُدَارُونَ جَمرَهُ بِالرَّسَائِلْ

وَانتِظَارًا يُدَوِّخُونَ الليالي
وَيَغُوصُونَ فِي دُوَارٍ مُمَاثِلْ

قَد يَمُرُّونَ بالمَعَانِي خِفَافًا
إنَّمَا تُوقُهُم لَهَا غُيرُ زَائِلْ

يَحفَظُونَ الحَيَاةَ عَن ظَهرِ قَلبٍ
مُنذُ كَانوا عَلى الحَيَاةِ الأَوَائِلْ

قَبلَ زَيفِ الزُّجَاجِ والقَارِ جَاؤوا
عَالَمًا بالحَضَارَةِ البِكرِ حَافِلْ

فِي التِمَاعِ الغِلالِ شَعُّوا نُبُوغًا
فِي رَبيعِ المَجَازِ طَارُوا عَنَادِلْ

وإلى الكَأسِ في خَيَالِ الدَّوَالِي
أَرسَلُوا هُدهُدَ الحَنَايَا يُسَائِلْ

لا يَزِلُّونَ ، والدُّرُوبُ انحِدَارٌ ،
مُذ أَفَاقُوا على انسِيَابِ الجَدَاوِلْ

لا يَهَابُونَ ، والطَّرِيقُ صُعُودٌ،
مُذ تَبَاروا على اقتِفَاءِ الأَيَائِلْ

فِي سَمَاوَاتِهِم تَأَلَّقَ يومًا
شَاعِرٌ عُنفُوَانُهُ غَيرُ آفِلْ

يَكسِرُ الهَامِشَ القَرِيبَ ، ويَرقَى
بِالمجَازَاتِ نَحوَ أَسمَى المَنَازِلْ

بَينَهُ والنَّقِيضِ من كُلِّ شَيءٍ
صُحبَةٌ لَيسَ تَعتَرِيهَا الغَوَائِلْ

هَأَنَا مَائِلٌ إِلَيهِم ، وَهَا هُم
بَينَ جَنبَيَّ عَالَمٌ غُيرُ مائل.

تعليقات