منبر حر لكل اليمنيين

شبكة بريطانية تستعرض حجم معاناة سكان مدينة تعز المحاصرين من قبل الحوثيين

25

كشف تقرير صحفي لشبكة “سكاي نيوز” البريطانية، حجم معاناة السكان المحاصرين في مدينة تعز من قبل مليشيا الحوثي، بعد إغلاق الطرق المؤدية إليها، مستعرضاً نماذج لمعاناة السكان الذين يحتفظون بأشلاء أطفالهم الممزقة في صور تذكارية شددوا من خلالها على تمسكهم بحق المطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم الذين يتمترسون على بعد مئات الأمتار منهم..

وسرد تقرير الشبكة البريطانية الذي أعدته مراسلتها الصحفية أليكس كروفورد، خلال زيارتها مدينة تعز مؤخراً، وترجمته وكالة خبر، قصة المعاناة كاملة منذ مغادرتها مدينة عدن، وحتى عودتها من المدينة القابعة تحت الحصار الحوثي لنحو ثماني سنوات.

تقول كروفورد: “رافقتنا شاحنتان صغيرتان على متنهما بضعة رجال مدججين بالسلاح في الرحلة إلى مدينة تعز المحاصرة، وبقوا معنا طوال الأيام الثلاثة التي قضيناها داخل المدينة. ورغم تزايد الحديث عن سلام محتمل في اليمن، لكن رحى الحرب في تعز لم تتوقف”.

وأوضحت أن “محافظة تعز تنقسم إلى قسمين، إذ تسيطر مليشيا الحوثي على جانب بينما تسيطر القوات الحكومية على النصف الآخر”.

وأضافت: اضطررنا إلى المرور عبر ما يقرب من 30 نقطة تفتيش مسلحة بين مدينة عدن وتعز (ثالث أكبر مدينة في اليمن) وهي مسافة تقدر بـ200 كيلومتر (125 ميلا). وفي الأيام التي سبقت الحرب، كانت الرحلة تستغرق حوالي ساعتين وأحيانا أقل.

ولفتت، “الآن، تم قطع أوصال معظم الطرق بسبب القتال أو انعدام الأمن أو المكاسب الإقليمية”، مشيرة إلى أنه “من الصعب الوصول إلى المدينة إلا من خلال ممرات صخرية ترابية تتمايل على طول سفوح الجبال المنحدرة”.

وفي الوقت الحاضر، يمكن أن تستغرق الرحلة ست ساعات على الأقل ويتحدث العديد من التجار وسائقي الشاحنات عن الاضطرار إلى دفع “جبايات” عند نقاط التفتيش المتعددة أثناء نقلهم الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها إلى تعز. وهو ما يجعل الرحلة محفوفة بالمخاطر ومكلفة أيضاً.

ويمثل الحصار الذي تفرضه مليشيا الحوثي تعذيباً، إذ يخنق المدنيين الذين بقوا في المدينة بشكل بطيئ. إذ يكافحون من أجل الطعام والماء وكسب أي نوع من العيش. والحديث ما يزال هنا لمراسلة الشبكة البريطانية الصحفية أليكس كروفورد.

وتواصل كروفورد نقل المشهد الذي عايشت تفاصيله قائلة: “لقد وجدنا أثناء رحلتنا، العديد من العائلات تخيم في مبان مهجورة تعرضت للقصف بالقرب من خط المواجهة وتفصل بين المجموعتين المتعارضتين لمجرد أنها كانت “خالية من المستأجرين”.

وفي المدينة القابعة تحت الحصار الحوثي، التقت كروفورد بعدد من المدنيين تحدثت معهم عن طبيعة الحياة هناك، موثقة عبرهم حقيقة ما تشاهده بأم عينيها من مآسٍ.

وبحسب تقرير الشبكة تقول كروفورد: “أخبرنا أب يدعى محمد، أنه رزق بثلاثة أطفال أثناء الحصار بينما كان يعيش في قبو مركز تسوق سابق تعرض للقصف”.

ونقلت عن “محمد” قوله: “بالطبع، أنا قلق بشأن سلامتهم، الوضع غير آمن هنا، لكني أحاول إبقاءهم في الداخل قدر الإمكان وأطلب منهم عدم الخروج عندما نسمع الانفجارات والقصف”.

وكشفت عن استخدام المليشيا الحوثية منازل المواطنين قواعد لإطلاق الصواريخ والقذائف، وتمركز القناصة، حيث أكدت بالقول: “كما أن العديد من المنازل عبارة عن قاعدة لشن الصواريخ والقذائف التي علقت في المباني ولكنها لم تنفجر بعد. الكل يخبرنا عن خوفهم من القناصة الحوثيين الذين يتمركزون في مبان عالية ويصطادون المدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن”.

لن أترك منزلي أبداً

كما تحدثت “قبول أحمد علي، 70 عاما” إلى الشبكة التي قالت إنها التقطتها وهي “ترقد في المستشفى بسبب إصابتها برصاصة قناص حوثي في ظهرها”. أخبرتهم أن “منزلها بالقرب من خط المواجهة” ومع ذلك تقول: “أرفض أن أترك منزلي”، مضيفة: “بقي الحوثيون يصرخون بوجهي قائلين “لماذا ما زلت هنا يا مجنونة؟”. “لكنني لن أغادر منزلي أبدا”.

هكذا تنقل مراسلة الشبكة البريطانية المشهد المعاش في المدينة المحاصرة لسنوات، وكيف يتشبث الأهالي بمساكنهم التي باتت جل ما يملكون تحت أنقاض القصف والمخاطر العسكرية، رغم أن “بعض من لا يزالون هناك يعلقون الملاءات والبطانيات بين منازلهم في محاولة لإخفائهم عن نظر القناصة أثناء تنقلهم من المنزل إلى الشارع”، مشيرة إلى أنهم “قاموا بتكديس الرمال في شوارع معينة لمنع المركبات من التحرك واجتذاب الرصاص”.

وتتفق المراسلة الصحفية كروفورد مع السكان المحاصرين على “أنه لأمر أشد خطورة أن تعيش في تعز مع تربص الأعداء على بعد بضع مئات من الأمتار فقط، حيث هناك اشتباك مستمر ومتقطع بين الجانبين على الرغم من الهدنة المتفق عليها على مستوى البلاد وتهدئة القتال في أفضل جزء من العام”.

وهناك حكايات متكررة بشكل مأساوي عن أطفال وعائلات أصيبوا بقذائف عشوائية حوثية أطلقت عشوائياً ودون سابق إنذار.. هكذا تواصل الحديث عن مآسي هؤلاء السكان الذين خذلتهم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في رفع الحصار الخانق عنهم، وتحييدهم في هذا الصراع، وفق القوانين الدولية.

أطفال يُقتلون أثناء اللعب في الخارج

“فاطمة” وهي أم لتسعة أطفال، “تقف حزينة وهي تعرض لنا صورا لما حدث لأربعة من أطفالها في اليوم الذي حوصروا فيه أثناء القصف. صور أطفالها القتلى واشلائهم هي كل ما تبقى لها منهم”.

تقول الصحفية كروفورد، إن الصور التي شاهدتها “مرعبة” وأيضاً “تظهر كيف تمزقت أجساد الصغار جراء الانفجار”، موضحة “أصيب أربعة منهم أثناء اللعب معا خارج منزلهم. كانت ليلى الكبرى تبلغ من العمر 12 عاما تقريبا. وقد قُتلت هي وأخواها حميد، البالغ من العمر 10 أعوام، ومحمود البالغ من العمر سبع سنوات، على الفور. بينما نجا آخر يدعى “حميد” ويبلغ من العمر ثلاث سنوات “ولكن بترت ساقه اليسرى ولا يزال يتلقى العلاج في الأردن مع والده إلى جانبه”، لافتة إلى أن “ملاك” وهي أصغر أطفال فاطمة، التقطت الصور بينما كانت والدتها تتحدث إلينا وتشير إليها قائلة “محمود! إنه محمود”.

ترد والدتها وهي مجهشة بالبكاء: “محمود لن يعود. حبيبي لقد رحل”. جمعت فاطمة ملفا لمحاولة توثيق ما حدث لأطفالها وهي تريد العدالة. تقول: “أريد من فعل هذا أن يدفع ثمن ما فعله لأولادي (..) كانوا مجرد أطفال، ماذا فعلوا ليستحقوا ذلك”.

مطالبة “فاطمة” في ختام تقرير الشبكة، بـ”العدالة” من قتلة الأطفال والمدنيين، هي ذات المطالب التي يطالب بها ملايين اليمنيين ممن سلبتهم مليشيا الحوثي وطنهم قبل حقوقهم وحرياتهم وثرواتهم، وفق مزعومها بالحق الإلهي، والذي زاد من حالة الاحتقان الشعبي ضدها لولا أنها تقابله بالقمع والتنكيل.

تعليقات