منبر حر لكل اليمنيين

كلمات سبارتاكوس الأخيرة

25

( مزج أوّل ) :

المجدُ للشيطانِ .. معبود الرياحْ
مَن قالَ ” لا ” في وجهِ من قالوا ” نعمْ ”
من علّمَ الإنسان تمزيق العدمْ
من قال ” لا ” .. فلم يمت،
وظلّ روحاً أبديّة الألمْ !

( مزج ثان ) :

معلّقٌ أنا على مشانق الصباحْ
و جبهتي – بالموت – محنيّةْ
لأنّني لم أحنها .. حيّةْ !
… …
يا اخوتي الذين يعبرونَ في الميدانِ مطرقينْ
منحدرين في نهاية المساء
في شارع الاسكندر الأكبر :
لا تخجلوا ..و لترفعوا عيونكم إليّ
لأنّكم معلقون جانبي .. على مشانق القيصر
فلترفعوا عيونكم إليّ
لربّما .. إذا التقت عيونكم بالموت في عينيّ:
يبتسم الفناء داخلي .. لأنّكم رفعتم رأسكمْ .. مرّةْ !
” سيْزيفُ ” لم تعدْ على أكتافه الصّخرةْ
يحملها الذين يولدون في مخادع الرّقيق
و البحر .. كالصحراء .. لا يروى العطش
لأنّ من يقول ” لا ” لا يرتوي إلاّ من الدموع !
.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق
فسوف تنتهون مثله .. غدا
و قبّلوا زوجاتكم .. هنا .. على قارعة الطريق
فسوف تنتهون ها هنا .. غدا
فالانحناء مرّ ..
و العنكبوت فوق أعناق الرجال ينسج الردى
فقبّلوا زوجاتكم .. إنّي تركت زوجتي بلا وداعْ
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراعْ
فعلّموه الانحناء !
علّموه الانحناء !
اللهُ لم يغفر خطيئة الشيطانِ حين قال لا !
و الودعاء الطيّبون ..
هم الذين يرثون الأرض في نهاية المدى
لأنّهم .. لا يشنقون !
فعلّموه الانحناءْ ..
و ليس ثمّ من مفرْ
لا تحلموا بعالمٍ سعيدْ
فخلف كلّ قيصرٍ يموتُ : قيصرٌ جديدْ !
وخلفَ كلّ ثائر يموتُ : أحزان بلا جدوى ..
و دمعة سدى !

( مزج ثالث ) :

يا قيصر العظيم : قد أخطأت .. إنّي أعترف
دعني- على مشنقتي – ألثم يدك
ها أنذا أقبّل الحبل الذي في عنقي يلتف
فهو يداك ، و هو مجدك الذي يجبرنا أن نعبدكْ
دعني أكفّر عن خطيئتي
أمنحك – بعد ميتتي – جمجمتي
تصوغ منها لك كأسا لشرابك القويّ
.. فإن فعلت ما أريدْ :
إن يسألوك مرّة عن دمي الشهيدْ
و هل تُرى منحتني ” الوجودَ ” كي تسلبني ” الوجودْ ”
فقل لهمْ : قد ماتَ .. غير حاقدٍ عليّ
و هذه الكأسُ – التي كانت عظامها جمجمته –
وثيقة الغفران لي
يا قاتلي : إنّي صفحتُ عنكْ ..
في اللّحظة التي استرحتَ بعدها منّي :
استرحتُ منكْ !
لكنّني .. أوصيكَ إن تشأ شنقَ الجميع
أن ترحم الشّجر !
لا تقطع الجذوعَ كي تنصبها مشانقا
لا تقطع الجذوعْ
فربّما يأتي الربيع
” و العام عام جوعْ ”
فلن تشمَّ في الفروعِ .. نكهة الثمرْ !
وربّما يمرّ في بلادنا الصيفُ الخطرْ
فتقطع الصحراء . باحثا عن الظلالْ
فلا ترى سوى الهجير و الرمال و الهجير و الرمالْ
و الظمأ الناريّ في الضلوع !
يا سيّد الشواهد البيضاء في الدجى ..
يا قيصر الصقيعْ !

( مزج رابع ) :

يا اخوتي الذين يعبرونَ في الميدان في انحناءْ
منحدرين في نهاية المساءْ
لا تحلموا بعالمٍ سعيدْ ..
فخلف كلّ قيصر يموت : قيصر جديدْ .
و إن رأيتم في الطريقِ ” هانيبال ”
فأخبروه أنّني انتظرته مدىً على أبوابِ ” روما ” المجهدةْ
وانتظرت شيوخ روما – تحت قوسِ النصرِ – قاهر الأبطالْ
و نسوة الرومان بين الزينةِ المعربدةْ
ظللن ينتظرن مقدّم الجنود ..
ذوي الرؤوس الأطلسيّة المجعّدة
لكن ” هانيبال ” ما جاءت جنوده المجنّدة
فأخبروه أنّني انتظرته ..انتظرته ..
لكنّه لم يأت !
و أنّني انتظرته ..حتّى انتهيت في حبال الموت
و في المدى : ” قرطاجة ” بالنار تحترق
” قرطاجة ” كانت ضمير الشمس : قد تعلّمت معنى الركوع
و العنكبوت فوق أعناق الرجال
و الكلمات تختنق
يا اخوتي : قرطاجةُ العذراءُ تحترقْ
فقبّلوا زوجاتكم ،
إنّي تركتُ زوجتي بلا وداعْ
و إن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها .. بلا ذراعْ
فعلّموه الانحناءْ ..
علّموه الانحناءْ ..
علّموه الانحناءْ ..
شاعر مصري (1940-1983م)

تعليقات