صاحب كتاب “الإله والنص.. مدخل لقراءة الدين” البحث في إمكانية التعايش دون صراع بين الديني والإلحاد
يصدر قريبا كتاب “الإله والنص.. مدخل لقراءة الدين” عن مكتبة خالد بن الوليد في القاهرة للباحث والصحفي القدير اليمني نبيل عبد الرب مصلح، كواحد من المجتهدين الذين يحاولون الخوض في مسألة “فكرية”، باتت تثير الكثير من الجدل والتساؤلات متعددة الأوجه.
وتعد مسألة الصراع الفكري في هذا الجانب الهام وعملية الترميم المستمرة من قبل الباحثين، ليست وليدة اللحظة بقدر ما هي متيقظة، كحالة ملازمة للذهنية الإنسانية والعربية على وجه الخصوص، بحيث لا يمكن تجاوزها أو عدم إعطاءها مساحة من البحث والتفكير.
ربما تُحدث هذه الاضافة لدى الباحث نبيل ثغرة للنور في جدار “الديالكتيكية” والصراع الذي لم يستقم بعد لأحد الأطراف بشكل نهائي؛ في عملية رصد بعض الظواهر الفكرية والاجتماعية المتناقضة للخروج برصيد مختلف قائم على الحجج والبراهين والادلاء بالأجد في هذا المضمار.
رؤى قابلة للتداول والتأثير
يشير الكاتب إلى أنه وفي خضم المنازعات الفكرية التي أتاحتها الثورة الاتصالية الراهنة، وتعميم الجدالات المقتصرة على غرف النخب، باتت كل الأفكار والرؤى قابلة للتداول، والتأثير أيضا.
ومن هنا فإن موجة التعميم الجدالي لم تستثن المسلمات والثوابت في الكثير من الثقافات، بما في ذلك المقدسات والأديان، ويمكن إجمال الرؤى بشأن الدين في ثلاث حزم رئيسية حسب قوله:
الأولى: رفضته على مستويات متعددة، والتأكيد على أن التفكير في الواقع المنظور والتعاطي معه مجدٍ بعكس الدين، وأن الحياة البشرية أفضل من دون إله أو دين يخدر أو يكبل الإنسان في حدود موهومة ويكبت قدراته، وأكثر هذه الرؤية تطرفا إنكار وجود الإله وتابعه الديني.
الثانية: أصرت على البقاء داخل المنظومة الدينية بقضها وقضيضها وتناضل من أجل إعادة تشكيل الواقع وفق الدين، ليس في نصوصه المرجعية فحسب، ولكن باعتبار الموروث الاجتهادي جزءا لا يقل قداسة عن الأساس النصي، فمثلت تطرفا مقابلا للإلحاد.
الثالثة: تحاول النضال الفكري من أجل إثبات أن الدين والواقع بإمكانهما التعايش دون الحاجة إلى الصراع بينهما، إلا أن هذه المحاولة والآتية من داخل الدين بصورة أساسية استندت على ذات منطلقات التطرف الديني، كالخلط بين النص المرجعي وتفسيراته، والتسليم بكون العصر الذهبي الديني يقع في الماضي، فكانت مخرجات هكذا اتجاه غير قادرة على امتلاك جرأة أكبر في تحسس الطريق الوسطي ومعالمه.
اشتباكات ومعالم ممكنة
يضيف الكاتب، بأن “الإله والنص.. مدخل لقراءة الدين”؛ ينتمي للاتجاه الثالث، مع اعتقاد مؤلفه أنه يحاول، لا فك الاشتباكات الفكرية، وإنما اقتراح بعض المعالم الممكنة التي يحسبها تساهم في إعادة قراءة للدين ربما تتسم ببعض الجرأة.
كما يتوسل المؤلف للوصول إلى مبتغاه، تحليل الظاهرة الدينية، ومناقشة الأركان الفكرية التي يقوم عليها التطرف الإلحادي، والتطرف الديني.
موضحًا أن الذي في طريقه للطباعة، هو الأول الجزء الأول ويختص بمناقشة الإلحاد بعنوان “تهافت الإلحاد.. العقل المؤمن والعقل الملحد”، متناولا خلاله أطراف العلاقة: الإله والدين من جهة، والإنسان والعقل من جهة، ويعمل على تفكيك المفردات الأربع وإعادة تركيبها لتفنيد أسس الرؤية الإلحادية، متخذا من وسائل الفكر الإلحادي أدوات في عملية التفنيد، وذلك عبر خمسة فصول الأول، بمثابة فصل تمهيدي يعرج على رحلة البشرية مع الدين.
ميادين الصراع وحجج الإلحاد
كما خصص الفصل الثاني لمناقشة أهم حجج الإلحاد، فيما خصص الفصل الثالث للأدوات التي يتذرع بها الإلحاد لإثبات صوابية وجهته. أما الفصل الرابع، فتناول إشكالات تتعلق بالفكر الديني، وكيف أنه شارك في إضعاف الدين، وقوّى من الأفكار الإلحادية.
وأخيرا بحسب عبد الرب فإن الفصل الخامس والأخير من هذا الجزء يجيب على تساؤل أساسي، تصب أجوبته في مناقشة نظرية الجدوى، أحد أهم ميادين الصراع الإلحادي- الديني.
تجدر الإشارة إلى أن الباحث كان يعمل في مجلس النواب اليمني وهو صاحب قراءة عميقة للكثير من المجريات سواء على المستوى الاجتماعي أو السياسي أو الديني، وكان لديه كتابات صحفية تلامس الهموم اليومية للمواطن اليمني الذي لا تتوقف معاناته واحد الفاعلين في إطار المجتمع.