صنعاء مقامات الدهشة
-1-
من أين لي لُغةٌ بلَون الماء كي أتجاوَزَ المعنى، وأدخل في تفاصيل المفاجأة الأخيرة. في مساء سكينة الدنيا أرىَ غَسَقاَ تدلّى أَمْ ضفائَرها الكثيفةُ. حُمرة “الياجور” أم شفَةَ المدينة. نَكهة الليمون في التسبيحة الأولى، بداية نمنمات الصبح في الأسواق. أصوات الملائكة، العصافير، النساء. حفيف أشجار من التوت المُخبأ في حواريها. ملامحَ “خربشات الجصّ” بينَ فضائها والأرض أوتارَ التّهيُّو للغناء. وقار إيماء الظهيرة. غيم منتصف السماء. نشيد أزْمنَةِ تفرُّ إلى معادنها الخبيئة.
-2-
أينَما يَمّمتَ تدخلُ في مدارات التجلّي. من خطوط العشق والتأويل يخرجُ (نون) “سمسرة النحاسِ” مَدًى من الأحلام، حورية من الأحجار والعتبات والخشب المقفى. “غرفة القلّيسِ” شامةُ خدها المصقولِ أَمْ عتبُ السماء. حوافر الأقدار هيئاتُ الرّجالِ. مكلّمَ الأسفار نوحُ – يا نبيَّ الله – أين نهايةُ الطوفان؟ هل رَسَت السفينةُ بين قوس النون والكفّ الموشّى للمدينة؟ من هنا ابتدأت تفاصيلُ الخليقة. ألفُ نافذةٍ على الدنيا. وبابٌ قُدَّ من ذهَبِ القصيدةْ.
-3 –
من رأى هذا المُخبأَ من حَنَان الأرض في حَجَرٍ على مبنى؟ لمجد الله يا بُنيانها المرصوص، يا هذا الفضاءُ من التألّق. مَنْ سِوى “الياجور” يختصرُ الطفولةَ “كعكة” الأحلام فاتحةَ الطلاسم والذهول. نقاوة المعنى. ظلال الوقت فوق عقارب الرؤيا. جَنُودٌ لا تُرى. مددُ المشيئة. جَفَ حبرُ القلب. أصْعَد في “مفارجها” وأقواس البناء. سماؤها الدنيا أنَا. مددُ المشيئة قلتُ: يا اللَهُ كيف تصدُّني شُهُبُ الحروف عن التصعُّد كي أرى ما لا يُرى؟ وأحدّثَ “الياجورَ” في خلَواته في الليلة العشرين. يَا مَدَدَ المشيئة مُدّني بمدىً أُدَوّرُ فيه أشجانَ القصيدة. مُدّني بخرافة الأوزان. أَلحِقني بقافلة الخليل. هَوى من الأجراس يأخذني. أنا المتقلّبُ الأحوال جئتُ على هوايَ وغبتُ ما بين القصيدة والمدينة.