الحكم بين “الزَنْقَلة” و”الديولة”
يستخدم اليمنيون مفردتين للتعليق على من يشتغل في السياسة ويتصف بالمشاكسة والسخرية في مواقفه تجاه الاحداث والأشخاص ويلقبون ب “الزُنْقُل”، بينما تعني مفردة “الديولة” العمل بأدوات الدولة المعروفة ومؤسساتها وسياساتها. والصفتان تحتاجان الى مهارات لا يصنعهما الموقع الذي يصل اليه الكثيرون بالصدفة وتحت ظروف استثنائية. وكان الراحلون الأستاذ عبدالله الاصنج وزير الخارجية اليمني السابق والأستاذ محمد انعم غالب والأستاذ حسين الحبيشي من اشهر من تحلى بالصفتين بسرعة البديهة والذكاء اللامع والسخرية اللاذعة الى جانب تجربتهم السياسية الطويلة في الجنوب والشمال.
وخلال الأيام التي قضيتها في عدن ثارت ضجة سياسية وإعلامية اقلقت الناس من احتمال تحولها الى صراع بين الفرقاء يتسبب في توتر امني ينعكس على الأوضاع المعيشية البائسة ويعاني منها كل مواطن يمني. والواقع ان التصريح الذي فاقم من تفاقم الغضب والضيق كان غير مناسب ولا داع له في الأساس، فكان من الحصافة والحنكة التشاور على المواقف السياسية الحساسة في اجتماع مرئي بين الاعضاء الثمانية طالما انهم غير قادرين او غير راغبين في اللقاء المباشر او أنهم لم يجدوا مكانا يليق بهم، لكن المؤكد انه جاء من باب “الزنقلة” التي لا يمتلك مهاراتها رئيس المجلس ولا من باب “الديولة” التي لا يستطيع ممارستها.
من السخرية ان الذي صاغ بيان التفسير الذي أصدره مكتب الرئيس اتهم القراء بأنهم لم يفهموا مقاصد الرئيس فجاء ليظهر ضعف الموقع الأعلى في الدولة وعدم القدرة على الدفاع عن قناعاته وقبوله بالتراجع في اول مواجهة سياسية حقيقية بين الواقع والاوهام.
وتبقى كلمة اخيرة: من المضحك المبكي صمت الاحزاب عما يدور ويقال وبالطبع هذا هو موقف القيادات التي لا تريد التفريط بمناصبها ومكاسبها عملا بحكمة القردة الثلاثة وتوخيا للحذر وخشية من غضب هذا الطرف او ذاك وتحولوا الى حاملي عرائض طلبًا لمساعدة او منصب او ترقية.