في وداع المقالح
إلى قَلْبِ الظَلامِ.. الآنَ عودُوا
توارَى الصبحُ وانطَفأَ الوجودُ
توارَى مَن أماطَ الخوفَ عنَّا
لتَنبُـتَ في أساميِنا الوُرودُ
توارَى مَن بِهِ الروحُ استَفاقَت
وقَد غَطَّى عَلى الدَهرِ الرُكودُ
فَمَا جَدوَى وقوفي واحتِضارِي
على المعنى وقَد خرَّ العَمودُ
وما في جُعبةِ الأقدارِ باقٍ
لَنا يا سِدرَةَ اللُقيا..صُعودُ
…
إذا أجفانُ يَومِ الحَشرِ قامَت
وأُسقِطتِ.. المنازلُ والحُشودُ
بِلادي بِالمقالحِ إن تَبَدَّت
سَتشهَدُ أنَّها الأُمُّ الوَلودُ!
…
مَقالِحَنا أيا هَرمَ الحَكايا
ويا لَحنَ الصّبا إن رَنَّ عُودُ
ويا سَفَرَ البياضِ إلى النوايا
تَسابيحاً يُغلِّفُها السجودُ
ويا تَتويجَنا الأسمى لِما لا
تؤرِخهُ المدائِنُ والعُقودُ
نوافِذُنا الحَزينةُ مُشرَعاتٌ
يُقَطِّعُ لَحمَها هذا الصدودُ
رَحَلتَ وسنَّةُ الدُّنيا تُرَجِّي
ليالي الأُنسِ في صَنعا تَعودُ
مَدينةُ سَامَ، إن وَلّيتَ عَنها
فَمَن عَن نَقشِ غَيمَتِها يَذودُ؟
وقَد خارَت قُوى الألوانِ فيِها
وكَدَّرَ ماءَها الطينُ الحَقودُ
***
أنا في داخلي وطنٌ شَريدُ
تَعثَّرَ في الكلامِ بمَا يُرِيدُ
ولي شَعبٌ يُكابِرُ عَن سُؤالي
فأعرِفُ أنَّهُ مِثلي وحيدُ
سُنونُ الحَربِ أبلَت كُلَّ شَيءٍ
وحبُّكَ ثَوبُنا الباقي الجَديدُ
نَهضتَ بِحُلمِنا وَحَملتَ جِيلاً
على أكتافِ هَمِّكَ يا عَميدُ
فَعُد لِحَقِيبةِ الإنسانِ حتى
يَعودَ لِكُلِّ مَكرَمةٍ.. بَريدُ
فَمُذ غابَت رُؤاكَ عَنِ الأسامِي
تَكَسَّرَ في دِمي الحُلُمُ المَجيِدُ
عَصَافيرُ الحَياةِ هَجَرنَ حَقلِي
وحَلَّ مَحَلَّهَا الموتُ الأكيدُ
*
وَداعَاً يا مَقالِحَنا وَداعَاً
وَدَاعَاً أيُّها الرَمزُ الفَقيدُ
لِأنفاسِ الحَنينِ يَدٌ سَتَبقى
تَضُمُّ العِطرَ إن جَفَّ الوريدُ
سَتَبقى لَمْسَةُ الإحسانِ فيِنا
سيَبقى ذلِكَ النبعُ الوَدودُ
رَسولُ مَحَبَّةٍ..وفَضاءُ فِكْرٍ
كِتابٌ..وَردَةٌ.. قَلَمٌ ..نَشيدُ
فَطِبْ مَيِتاً.. كَمَا قَد طِبتَ حَيَّا
وطابَ بِحُبِّكَ اليَمنُ السَعيدُ