ألم أقل لكم إن السعودية هدفها إسقاط الدولة وليس الحوثي؟
كتبت في أكثر من مناسبة وقلت إن السعودية لها أهداف أخرى غير تلك التي أعلنت عنها بشكل رسمي، زعمت أن حربها في اليمن بهدف القضاء على انقلاب الحوثي والدفاع عن الحكومة الشرعية ومواجهة التوسع الإيراني في اليمن، فقد كتب أحد أبواق النظام السعودي غسان شربل في صحيفة الحياة اللندانية، قال: إن القرار السعودي هو محاولة جدية لتصحيح التوازنات التي اختلت في المنطقة ومحاولة استعادة هذا التوازن وإنهاء مرحلة استضعاف العرب وتوجيه رسالة واضحة لطهران.
وقد قلت في مراحل مختلفة، إن هدف السعودية في اليمن هو إسقاط الدولة اليمنية وليس الحوثي، لأن الحوثي كان حاجة أمريكية بريطانية وبنفس الوقت حاجة سعودية، لذلك كانت الحرب تمضي بعيدا عن مواجهة إيران كما زعمت ومواجهة الحوثي أيضا ، لذلك نحن اليوم أمام اتفاق سعودي حوثي، يظهر الحوثي أنه منتصر في هذه الحرب مقابل هزيمة الدولة وتفكك المجتمع، فقد مضت السعودية خلال التسع السنوات الماضية في تجريد الدولة من كل عناصر القوة وأسقطتها ماليا واقتصاديا وجعلتها عالة على المساعدات الإنسانية.
لقد جرت المفاوضات بين السعودية والحوثيين في ظل غياب الدولة وقد حرصت السعودية على نقل القرار الاستراتيجي للدولة اليمنية إلى مكان آخر ووضعت قرار السلم والحرب بيد الحوثي، وبذلك تكون السعودية قد شكلت من خلال الحرب فصلا جديدا من فصول تعطيل الدولة ووضعها في صالح صعود المليشيات التي تريد من خلالها تعزيز الاصطفاف الطائفي والمناطقي وهي في كل ذلك تحرص على تعزيز وجود المليشيات على حساب الدولة لتختتم هذا الحرص بنقل قرار التفاوض من الشرعية إلى عصابة الحوثي الإرهابية .
والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي جعل السعودية تمضي في هذا الطريق إن لم يكن هدفها هو تدمير الدولة اليمنية، لأن الحوثيين ما زال ولاءهم لإيران ومازالوا يرفضون صراحة أن يكونوا شركاء في قضية تخص اليمن واليمنيين، فالسعودية تفرض على اليمنيين قبول الهزيمة وتتويج الحوثي كمنتصر، والهزيمة هنا ليست لتلك الحثالة التي استأجرتها السعودية والإمارات، بل للدولة اليمنية وترسيخ الانقسامات الداخلية، والتمدد الإيراني يظهر بوضوح والقوس الشيعي بدأ بالاكتمال، والسعودية لا يهمها ذلك، بالرغم من خطورته عليها، لأنها وضعت كل تفكيرها في القضاء على الدولة اليمنية وتقسيم المجتمع اليمني.
من الواضح أن الحوثي لم يشتبك مع السعودية إلا في حدود ما يبقي على صورة الحرب، لكن معركة الحوثي كانت موجهة للداخل اليمني والقصف السعودي كان موجها لما تبقى من مؤسسات الدولة وضرب مقومات الشرعية، فالمعارك لم تدر في الحدود ولا في صنعاء أو حتى صعدة، بل كانت تدور في مأرب وتعز والجوف والبيضاء.
خلاصة القول، وقد اتضحت أهداف السعودية، فأصبح لزاما على القوى الوطنية أن تستعيد الدولة اليمنية ولن تقوم هذه الدولة من خلال الصفقة التي أقدم عليها محمد بن سلمان وعقدها مع الحوثيين وهو في عجلة من أمره يريد أن ينقل الملك من أبيه إلى نفسه وربما يكون ذلك خلال الأشهر القادمة، لذلك حان الوقت للقوى الجمهورية أن الدن تتصالح وتوحد قوتها في مواجهة الحوثي، فلا يظننا أحدا منكم أن من يدعي أنه ابن الله وأنه الوريث الحصري للنبوة، يمكنه أن يقبل بالإرادة الشعبية وبالديمقراطية.