منبر حر لكل اليمنيين

في رثاء  إذاعة البBBC

27

نعم كنت هناك عام 97 في اهم مبنى في لندن” بوش هوس” حيث كان يحلق الابداع الإذاعي بأصوات النخب من أبناء العرب قرابة قرن من الزمن ..نعم لماذا كنت هناك؟؟ كان وجودي في دورة تدريبية متقدمة في مكة الاعلام في العالم ال”BBC “تلقيت فيها اهم المعارف الإعلامية في فنون الالقاء وصناعة الخبر واعداد البرامج وادارتها والحياد في إدارة الحوارات السياسية والاجتماعية وحتى الفنية يا الله ما اجمل متعة التعلم في ذلك الصرح الكبير وفي عهد القامات أمثال ماجد سرحان حسن معوض وحسن أبو العلا واخرين ولا انسى صديقي عبدالرحيم فقراء من المغرب الشقيق الذي كان في بداياته الاولى للعمل في البي بي سي ثم انتقل لقناة الجزيرة بعد ان نهل الكثير من مدرسة الاعلام الاولى في  العالم كما لا انسى الاعلامي والصحفي الكبير انور العنسي الذي كان له الفضل بعد الله في ترشيحي لهذه الدورة التأهيلية الهامة عندما كان مديراً عاماً للتدريب والتأهيل في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون اليمنية ..وتشجيع ودعم وزير الاعلام السابق الاستاذ عبدالرحمن الاكوع .. كانت الBBC محطة تحول كبيرة في حياتي العملية وارضية اساسية وضعت عليها اقدامي باقتدار وثقة في فضاء الاعلام الواسع حاملاً شهادة الBBC بامتياز ما تعلمته واجدت فيه ممهورة بتوقيع “جيمون ماكليلان ” المسؤول الاول على خدمة البي بي سي وكانت الفرص مهيأةً لي الالتحاق باي قناة عربية وقتها فانا احمل المعرفة واحمل الخبرة وجواز العبور من البي بي سي للعمل في اي وسيلة اعلامية لكني اثرت العودة لخدمة بيتي الاهم الوطن وعندما عدت الى اليمن شعرت باني أحمل الفضاء كله معي فكان حصيلة ما تعلمت برنامج “من المسؤول” الذي استمر لسنوات على شاشة قناة اليمن الرسمية وكان خارقاً للعادة حينها وسقفه السماء في تناول الأحداث والمواضيع في الشأن اليمني وحاز على اكثر مشاهدة وجوائز في مهرجان القاهرة ومن ثم توالت البرامج والافكار وتدرجت في الادارات حتى وصلت نائب مدير عام الاخبار ومن ثم مدير عام البرامج ولم ابخل يوما ما على زملائي اومن كانوا مبتدئين في العمل التلفزيوني وفي مختلف الادارات لان ذلك من اخلاق العمل المهني الذي تعلمناه في الBBC حيث لا احتكار للمعرفة ولازالت تلك المبادئ تلازمني الى اليوم اضافة الى المهنية مع تطور ادواتها  .. ولذا كان خبر اغلاق اذاعة البي بي سي
كالصاعقة علي وعلى كثير من المتابعين والمعجبين بهذه الاذاعة العريقة وهم بعشرات الملايين في كل اصقاع الارض يا لها من مأساة ان يأتي اليوم الذي تغلق فيه ابواب المنبع الاول للإعلام العربي المسموع “هنا لندن” بينما تستمر عاهات مستفزة من الغث الاعلامي الذي ما انزل الله به من سلطان ،، يبدو اننا في هذا الزمن الغريب المتقلب لا نملك الا ان نودع قبلة الاعلام ونرجو لطاقمها وطاقاتها الخلاقة التوفيق ولا عزاء للإبداع.
* إعلامي يمني. من صفحته على فيس بوك.

تعليقات