مكتب الرئيس
الزائر لفندق الريتز في الرياض يشاهد حركة وحيوية ، جميع زواره من اليمنيين ، لأنه أصبح مقرا لمجلس القيادة الرئاسي ، وبالتالي أصبح مزارا للسياسيين والعسكريين وشيوخ القبائل والباحثين عن منافع شخصية وعامة ، وفي فناء الفندق تجد الناس يتحلقون حول عضو مجلس القيادة عيدروس الزبيدي وكذلك سلطان العرادة ، يقضون للناس حاجاتهم ، ثم ينفضون من حولهم ، يغيب عن هذه اللقاءات رئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي الذي استطاع مكتبه أن يعزله عن مقابلة الناس باتباعه عزل الرئيس في جناحه واعتماد مبدأ تطفيش طالبي المقابلة بعد أن يكونوا قد أنفقوا أموالا كثيرة في الوصول إلى الرياض وفي نفقات الفنادق التي يقيمون فيها وثمن المواصلات اليومية التي يدفعونها في تنقلاتهم للوصول إلى فندق الريتز الذي يقع في منطقة يصعب الوصول إليها .
مئات الأسماء في قائمة الانتظار ، سواء لدى الدكتور يحي الشعيبي أو لدى دائرة المراسيم ، وكل جهة تدفع بهم إلى الجهة الأخرى ، غير أبهين إلى تعطيل مصالح الناس ولا إلى وضعهم تلك العقبات في طريق أصحاب الحاجات ويسعون بكل جهد إلى عزل الدكتور رشاد عن مقابلتهم والسماع إليهم ويمارسون عليه التعتيم ، ويجعلون من أعدائهم أعداء للدكتور رشاد وأصدقائهم أصدقاء له .
من استطاع أن يشد راحلته من اليمن نحو فندق الريتز رحل إليه يحدوه الأمل في لقاء الرئيس الذي لم يتمكن من لقائه في بلده ، ومن لم يستطع ظل مترقبا عودته في أقرب فرصة ، ومن هؤلاء المترقبين زعيم المعتقلين لدى عصابة الحوثي يحي عبد الرقيب الجبيحي وابنه حمزة اللذان لا تزال ذاكرتهما مثقلة بتفاصيل اعتقالهما المزرية في سجون الحوثي التي تعد الأسوأ في العالم ، فهي عبارة عن مقابر للأحياء ، سواء من حيث البناء أو صنوف التعذيب الجسدي والنفسي وغياب أدنى مقومات الحياة الآدامية ، فالدكتور يحي الشعيبي يواعدهما منذ أن كان الدكتور رشاد في عدن .
والسؤال الذي يطرح نفسه : مالفرق بين جناح الدكتور رشاد العليمي في فندق ٥ نجوم وكهف عبد الملك الحوثي ، إذا كان يحي الشعيبي يمنع الوصول إليه ، على الأقل عبد الملك يخاطب الناس من وراء شاشة ، فلماذا يا فخامة الرئيس لا تتنفس هواء طبيعيا ؟ لماذا تتنفس هواء مصنوعا ؟ لماذا تسمح لهم أن يكتموا أنفاسك ويضربون حولك أسوارا عازلة ، أم إنك أنت من وضع هذه الأسوار باختيارك ؟
لماذا تقبل مع قهوة كل صباح أن تحمل لك هذه البطانة مواقف التأييد والمديح وأنت تعلم أن ما يغيب عنك هو مقالات النقد الصادقة والتقويم السوي والآراء النظيفة البناءة ، لقد سمعت أنهم يقدمون لك مع قهوة الصباح العسل والطيب والمضمون الإعلامي الوردي فقط ، ولكي أكون صادقا معك ، فأنت لا تحتاج إلى ذلك ، بل تحتاج إلى بطانة استثنائية قادرة بتوجيهاتك على وضع خارطة إنقاذ اليمن ، خارطة نابعة من خبرتك العسكرية والمدنية والأكاديمية ومن محبة خالصة لليمن السعيد ولشعب لم يعد سعيدا ، بل أصبح شعوبا ممزقة ومهمشة وضائعة في أرضها .
هل ننتظر منك أن تكسر باب جناحك الفندقي وتستقل الأسانسير إلى صالة الاستقبال إلى جوار سلطان العرادة وعيدروس الزبيدي ، وتقول لبطانتك التي تحولت إلى كتلة من الحقد والكراهية واصطناع العداء لكل من يقدم نقدا ، بأن من ينتقد الأخطاء بتلك الطريقة هم مواطنون ينتمون إلى هذا البلد وأن احتواءهم هو أكبر مكسب للبلد وأنه لا يمكن جمعهم ورميهم في البحر ، وأنه من حقهم التعبير عن أنفسهم وعن وطنهم ؟ إلى متى ستظل حبيس جناحك ، يكتمون أنفاسك ويغبشون عليك الرؤية ؟ عليك أن تطل على صالة الاستقبال لترى أن مواطنيك ملت منهم الصالة وملوا هم من كذب مكتبك الذي أصبح متمرسا بالكذب ، وأصبح حريصا على تجاهل كل ما فيه المصلحة العامة .