احتشاد الأشواق
الحبُّ هذا لا محالةَ قاتلي
فلِمَا أُقَدِّمُ للحياةِ تنازلي؟!
أسلمتُ للحطّابِ حقلَ قصائدي
من بعد أن أكلَ الغيابُ سنابلي
ومحوتُ عن وجهِ المكانِ حدائقي
من بعدما احترقتْ “حدائقُ بابلِ”
ووقفتُ والأشواقُ تحشدُ في دمي
أسرابَها مثل الحمامِ الزّاجلِ!
فكأنّ ألفَ حمامةٍ ورسالةٍ
تتخاصمانِ وتعبثانِ بداخلي!
أرسلتُ للمجهولِ أشواقي سُدىً
فمتى تعودُ حمائمي ورسائلي؟!
ومتى أعودُ إلى البلادِ فإنّني
أشتاقُ كالأطفالِ ريحَ منازلي
ومتى سألقي بالحقائبِ من يدي
وأحطُّ أثقالَ الأسى عن كاهلي؟!
ضجّتْ بأعماقِ المنافي غُربتي
وتعثّرتْ فرطَ الحنين رواحلي
وذوَتْ بوجهِ الأمنياتِ ملامحي
وتلبّدَتْ بالذّكرياتِ مشاتلي
نأتِ البلادُ ولا أزالُ مُطَاردَاً
عَطِشاً أمرُّ على ضفافِ جداولي
هذي البلادُ تفرُّ من أحزانِها
وأنا أشيرُ لها -ارجعي- بأناملي
وأنا أفرُّ بها إليها كلّما
اشتدّ الحصارُ وأمطرتْ بقنابلِ
هي عادةٌ في الحبِّ لا يرضى ولا
نرضى ولا نحيا بدون مشاكلِ
فبنا طِباعُ بداوةٍ مجنونةٍ
مطبوعةٌ، وبهِ عنادُ الجاهلِ
ولِذا أحااااولُ أن أُداريَ طيشَهُ
وأذودَ عن قلبي الرّصاصَ فحاولي
فإذا نجحنا فهو حظُّ قلوبِنا
وإذا فشلنا فهو حظُّ الفاشلِ
عجباً لهذا الحبِّ كيف يخونُنا
دوماً، ويكسرُنا كغصنٍ ذابلِ!!!
عجباً لهذا الليلِ كيف شِتاؤهُ
يمضي بطيئاً في احتراقٍ هائلِ
عجباً لمثلي كيف يُقْتَلُ في الهوى
ظُلْماْ، ويحملُ بعدُ وِزْرَ القاتلِ.