منبر حر لكل اليمنيين

كسور في سطور

27

بكائية التلاميذ في وفاة المعلم الأديب والشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح، والليلة هي الأربعون لوفاته.

أَحْيانًا البَحْرُ لا يَسْتَوْعبُ النَّبأَ
ولا يُصَدّقُ ما أصْغى لهُ ورأَى

هل قالَ “غَيْمانُ” حَقًّا أنَّ صاحِبَهُ
وَلَّى، وأنَّ عَمودَ الحِكْمةِ انْكَفَأَ

أَحْيانًا البَحْرُ حتى لا يُصَدّقَ ما
يَراهُ، يَسْأَلُ في الأعماقِ مُلْتَجَأَ

وعادةُ النَّبإِ القاسي يجيءُ بلا
خُطَىً، مَجيءَ خَجولٍ إنْ جَنى خَطَأَ

هل غاضَ يا لَيلُ، أُسْتاذُ النُّجومِ كما
يَحْكِي لنا السَّقْفُ، أَمْ أنّ الحَديثَ رُؤى

تكذيبُ هذي الرِّسالاتِ التي وَصَلَتْ
صَعْبٌ، وقدْ فَقَأَتْ عينَ الذي قَرَأَ

الآنَ تُدْرِكُ “صَنعا” أنّها سَقَطَتْ
وأنّ آخرَ حُرَّاسِ الجلالِ نَأَى

مُصِيبتانِ، سُقُوطُ الأرضِ مِن يَدِنا
وموتُ آخرِ أنْهارِ المُنى ظَمَأَ

وحَسْرَةٌ رُؤيَةُ الأقلامِ يائسةً
بَعْدَ “المَقالحِ” أنْ تَلْقى لها كُفُؤَا

وأنْ تُغادرَ عنّا يا مُعَلِّمَنا،
وحرْفُنا لَم يَزلْ في الخَطْوِ مُبْتدِئا

إنّا نُشاهدُ مَعْنانا بدونِكَ يا
حَبيبَنا، بالفَّراغِ المُرِّ مُمْتَلِئا

لَم يَجْرُؤِ الشُّيْءُ أنْ يُؤذيْ حَقيقَتَنا
وحينَ غِبْتَ انْبرى اللّاشَيْء واجْتَرَأَ

لمَن تَرَكْتَ أغَانينا التي وَقَفَتْ
خَجُولةً، وبديعُ العَزْفِ ما بَدَأَ

تَرَكْتَها ومَرايا المَسْرحِ انْكَسَرَتْ
في قَلْبِها، ونسيجُ الرَّوعةِ اهْتَرَأَ

لا تَظَمَئي بجُنونٍ يا خَواطِرَنا
وفِطْنةُ الماءِ لا تَسْتَوعبُ الظَّمَأَ

لَحْنُ الفَناءِ يَذّرُ الآنَ في دَمِنا
قحطًا، ويَنْتَزِعُ الأزهارَ والكَلَأَ

لكِنّنا لَم نَزَلْ نَجْري وراءَكَ يا
نَعْشَ الجَمالِ، نُنادي، ما الذي طَرَأَ

ماذا دَعاكَ إلى جَعْلِ الحَياةِ بلا
عَبْدِ العَزيزِ، تَلُوكُ الغَثَّ والحَمَأَ

وكانَ في فَمِها سُكْرًا وفاكِهَةً
وثائرًا فوقَ أَنْفِ الظُّلْمِ مُتَّكِئا 

وشاعرًا كانَ يَنْبُوعًا يفيضُ نَدَىً
على شغافِ هَوانا كُلَّما نُكِئا

وعازفًا يَمَنيَّ الرُّوحِ نَسْمَعُهُ
دَوْمًا يُرَمِّمُ في أعماقِنا سَبَأَ

وهل هُنالكَ قَطْرٌ مِثلُ نَبْرَتِهِ
يَهْمي، ويَغْسلُ عن أيَّامِنا الصَّدَأَ

وهل هُنالكَ سَقْفٌ مثلُ مَجْلِسِهِ
تَكادُ تَسْمعُ مِنهُ اللَّهَ والمَلَأَ…

تَأْوي إلى أينَ يا “صَنْعا” رَكاكَتُنا؟
ومَن سَيَمْنَحُها المَعنى لِتَتَّكِئا

ومَن سيَسْمَعُنا كالأُمِّ مُبْتَهجًا
بهَذْينا ويُسَمّي جِرْوَنا رَشَأَ

ومَن سيَغضو على أخْطائِنا ويَرى
في لَوْحِنا الضَّوءَ مَهْما كانَ مُنْطَفِئا

ومَن ستَحْرُسُ يا “صَنْعا” قصيدتُهُ 
نَجْواكِ مِن كُلِّ يَأْسٍ عابِرٍ خَطَأَ

ومَن سيُؤنسُ “أيْلُولَ” الكريمَ وقد
أمْسَى مِن اللُّؤمِ في جَنْبَيْكِ مُخْتَبِئا

يُقالُ إنّكِ قد أصْبحتِ آمِنَةً
والحَيُّ مُذْ عادَ حُكْمُ المُوتِ قد هَدَأَ

أحْيانًا الأَمْنُ لا يَأتي كعادَتِهِ
لِنَتْرُكَ الخَوفَ، بل يَأْتي لنَخْتَبِئا

وعادةً ما يكونُ الاخْتِباءُ على
أسْبابِهِ ثَوْرةً كُبرىَ إذا امْتَلَأَ 

لا تَيْأَسي مِن فَتى يَعْقوبَ وانْتَظِري 
رَدًّا على قَهْقَهاتِ الذِّئبِ إنْ هَزِئا

مَهْما يَمُتْ جَبْلٌ، مَهْما يَمُتْ بَطَلٌ
لا بُدَّ مِن عَودةِ العِيدِ الذي انْطَفَأَ
*من صفحة الشاعر في فيس بوك.
٢٠٢٢/١/٨

تعليقات