منبر حر لكل اليمنيين

غُربَة

29

لا تَثِقْ في البِلادِ الغَرِيبَةِ
أَو مَائِها
أَنتَ ضَيفٌ، وإن صَافَحَتْكَ شَوَارِعُها والبُيُوتُ
وإن أَكَلتْ مِن يَدَيكَ الطُّيُورُ بِسَاحَاتِها
أَنتَ حَبَّةُ رَملٍ على ظَهرِها
أَنتَ في غَيرِ أَرضِكَ
-مَهمَا جَرَى-
زَائِرٌ، وغَريبٌ، سَتَسكُنُ في نُزُلٍ هَرِمٍ مِثل حُزنِكَ
تَدفَعُ فاتُورَةَ النَّومِ فيه وتَعوِي نِهَايَةَ كُلِّ مَسَاءٍ
وتُحصِي الذي سَوفَ يَستُرُ غُربَتَكَ القَادِمَة.

لا تَثِقْ غَيرَ في وَطَنٍ لَكَ
شَكَّلْتَهُ مِن دُمُوعِكَ
تَعرِفُهُ شَارِعاً شَارِعاً
وتَقَاسَمْتُمَا في اللَّيَالِي الكَثِيرةِ فَاكِهَةَ الجُوعِ والذِّكريَاتِ وخلَّ الأَمَل.

لا تَثِقْ في البِلادِ الغَريبَةِ
أَو في ابتِسَامَاتِ حَانَاتِها
فَالتَّغَرُّبُ مَوتٌ ثَقِيلُ الخُطَى
والمَنَافِي ذِئَابٌ مُهَندَمَةٌ، والمَطَارَاتُ سُنَّارَةٌ لِلضَّيَاع.

لا تَثِقْ غَيرَ في
بَابِ بَيتِكَ؛ ذَاكَ الذي تَتَأَفَّفُ مِن صَوتِهِ لَستَ تُبصِرُ
مِن خَلفِهِ جَنَّةً
سَوفَ تَحلمُ أَن تَتَنَفَّسَ أَفياءَها في البِلادِ البَعِيدَةْ.
هناكَ ستشتاقُ أَبنَاءَ حَارَتِكَ الأَشقِيَاءَ
سَتَفنَى لِتَسمَعَ أَصوَاتَهمْ حِينَ تَأوِي إلى غُرفَةٍ مِثلِ قَبرٍ
تُسَامِرُكَ الذِّكريَاتُ وتَنخَرُكَ الوَحشَةُ الجَامِحَةْ.

لا بِلادَ تُضَاهِي التي عِشْتَ تَكبرُ في حِضنِها
وتَنَامُ على صَدرِها
غَير مَن قَبَّلَتْكَ -ولَم تَنتَبِه- بَينَ عَينَيكَ ذَاتَ نَهَارٍ
ومَن وَشَمَتْ بِالمَحَبَّةِ قَلبَكَ
مَن في تَقَاسِيمِ وَجهِكَ تَحمِلُ صُورَتَها
في شِفَاهِكَ لَكْنَتَها، صَوتَها، والصَّدَى..
* من صفحته في فيس بوك. القاهرة.

تعليقات