منبر حر لكل اليمنيين

هثيم الذكريات

الشرعبي يعود لتدوين هثيم الذكريات

102

تمثل الحروب بما يرافقها من محن ضارية فرصًا مأهولة للتنقيب في معادن الناس.
يتساقط المئآت من أبناء وطنك.. بعضهم أهلك وبعض أصدقائك وآخرين ليسوا أهلًا ولا أصدقاء لكنك جازفت باتخاذهم مجسمات نضال فتهاوو مثل خفاش داهمه الضوء خارج وكره فوقع تحت لسان اللجان الخاصة!!
خارج سوح المعارك وبعيدًا عن زخات الرصاص وتقابل ابني آدم وأثناء نجدة الغراب الشقيق ثم معركة ضروس وحروب قيم لا هوادة فيها.

سوف تجبرك ظروف الحرب بشقها المباشر على الاحتكاك والصبر ورؤية صِبية يمارسون طقوس الحكم بشهية جائع.. ولسوف يضطرك جانبها الأخلاقي القيمي الإنساني على المرور عبر النفق المظلم وعمل مجسمات تختبر فيها نفسك وتمتحن اختياراتك.. كم كنت موفقًا هنا وخائبًا هناك.

سوف تبتلع غصصًا لا حدود لها وتألم من شوكة سردين انشبت في الحلقوم.

آح عليك يا قلبي المتيم كلما حاولت تلتمس القليل من المساء دعتك نائبة وساءك مشتهى.
لسوف ترى الناس على حقيقتهم.. ولكأن الوطن العالق في ماسورات البنادق استحال مرآة عريضة على مبكى الارتهان.. مرآة مقعرة نشهد من خلالها ظهور المئآت عرايا!
وانت..انت ما برحت مستور الحال وبوسعك التماسك حتى آخر نفس، وفي راسك شعرة لا تهزها الأنواء وفي محياك بسمة هزوء بالعابرين الذين تسللوا إلى تقديراتك الخطأ.. فعلام تهجد روحك.
لست هنا في مقام العتب على أحد فالحروب أكبر مزادات الأمم تفاهة وأكثرها رخصا، والحروب _ وأسوأها تلك التي تتخذ من بلدي الحبيب مسرحًا لها _ كل الحروب تقطّع أوصال وتقّرب آجال وتدمر أجيال وتقضي على شتلات حب وتحطم مزهريات قلوب.

لكني فيما سأتوقف أو أقف عليه من ذكريات غربة وأنين، ومن شذرات توثب وتحفز وحنين، وفيما سأرويه من أسفار ومقامات دهشة وبانورامات نطل منها على بغاث استاسد، وجلمود يتقنفز، وهلاوس مجد خادع تذاع. وسدنة احداثيات قاتلة يمشون فوق سجاد أحمر!!
ومن تشيئات الغربة والشتات.. اختار البداية الطيبة صحبة قناديل تمنح الحياة مذاقًا عذبًا وتساعد على الإبصار في ظل سيادة العمى..
في المستهل ثلاثة كل واحد منهم ليس الفًا فيما نحصي بل الدنيا كل الدنيا..
الأستاذ والاخ والنائب البرلماني علي المعمري حين يسهر من أجل صديق.. أما عندما تتعثر نجدته بلئيم فستجده يقضم اظافره ويهرش رأسه.. المعمري يحمل هم الناس ويكابد من أجلهم.. كنت قبيل سيل العرم الذي اجتاح الدولة والوطن اعاين مواقفه في لقاءات مطولة مع الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح.. كان المعمري يطرح رأيه بصدق ويعبر عن مواقفه بشرف ويمضي لشأنه غير هياب ولا مرتاب.. ولم اشهد في يده عريضة ولا في نوازعه باعث مصلحة أو مطمع..
واذا شئتم خاصة مائزة في معدنه الوطني فتعامله مع الجميع بوصفه منهم خلافًا لكثيرين اهانوا تعز وحولوها من قلب نابض بالثورة والوحدة والحرية ومركز إشعاع وتطوير إلى ناد رياضي مغلق لتعزاوية عابرة مثل كل الحكايات الليلية التي ترويها الجدات على مسامع الأطفال كي يناموا، وفي ربوة الاوفياء الذين سيأتي الحديث عن كل منهم في سياق هثيم الذكريات يبرز الأستاذ والصديق بليغ المخلافي المستشار الثقافي في سفارتنا بجمهورية مصر العربية والرجل الفواح بعطر خدماته المسداة لكل اليمنيين وبالأخص منهم الأدباء والساسة والمثقفين، بليغ أفضل وانجع وصفة تحتاجها الدبلوماسية اليمنية حال استقام أمر الحكم وعاد للقرار رشده.
وتعجب إذ نبدو على هذه الصورة من العجز والضعة والهوان وفينا أكفاء من طراز نادر.وبين ظهرانينا قدرات سياسية وعلمية وثقافية واقتصادية وعسكرية لا تأخذ مواقعها الطبيعية في مواجهة الفشل.
في صالة الوصول ستقابك سمعة بليغ وفي صالة المغادرة سيكون كاهلك مثقلًا بجميله..
طابور الأنقياء في زمن الجدب يسع العشرات من بين آلاف الأصفار.. ولا غرو أن يبرز الصديق والاخ فهد المساوى في مقدم الاوفياء فهد يوازي السموئل مرؤة ويكافئ حاتم كرمًا.

دلفت الرياض وبين احشائي كلية واحدة اذلني الخوف عليها، لست اتهيب الموت ولكني أخشى واخاف البقاء بين منزلتي الموت والحياة، حينها عادني أحد القيادات الحوثية إلى منزلي بالعاصمة صنعاء فطلبت منه ادراجي ضمن قائمة المغادرين لبواعث إنسانية على رحلات الأمم المتحدة فوعدني وتعهد.. وفي غضون مالا يزيد عن ١٢ ساعة كان عسس الجماعة يطرقون الأبواب ويفتشون المنزل كما عملوا الشيء ذاته معي أثناء وجودي في منزلنا بمدينة اب وخلال العمليتين الجهاديتن كانوا يصطحبون عينات عشوائية من الملفات المركومة كالقش إذا أدركه البلل.
حكايتي مع فهد لم تبدأ بعد ورحلتي إلى الرياض بدعوة من عبده (منصور) هادي ستجدونها في سفر هازل ووجع قاتل ومرويات كالهثيم.
دعواتكم للشرعية بالستر وللتحالف بالزمهرير ولنا الله مع سفرة مريحة نمضيها ١٤ قرنا بغية الوصول إلى رحاب السقيفة والإنصات لحديث الولاية وفذلكات غير الراشدين من الإخوان المسلمين.

*من صفحته على فيس بوك.

تعليقات