حين يأتي منير الكمالي بالحوبان إلى المدينة، على حد زعمهم، كضيوف على مائدة شعبٍ كتب على بواباته: “في تعز لا سيد إلا الشعب”، فإن ما فعله ليس مجرد فعل إداري، بل إنجاز سياسي وأخلاقي، يُحسب له لا عليه.
خطوة منير هذه بكل تأكيد ستثير غيض من يرى الحوبان غنيمة منتظرة، لا جزءا من تعز.
يجسد منير في تعز فكرة نضالية عميقة، لا علاقة لها بالمصالحة، إنما بالكيفية التي تُقدم بها الصورة الاصل لتعز المدينة، لمن هم في تخومها، صورة تعز كمدينة أكثر من كونها ثكنة، وطنًا أكثر من كونها مترسًا.
الذين يرفضون هذه الأداة من أدوات النضال السلمي، يثيرون تساؤلًا مشروعًا: ما هي معركة استعادة الحوبان لديهم، إن لم تكن تبدأ بهذا النوع من اختراق المعنى؟
هل يريدون معركة تبدأ من الصفر الدموي فقط، لأنهم لا يتقنون غيره؟ أم باستعادة النسيج الاجتماعي لتعز.
صدقوني أن تعزية تعز بهلاك أحد المتحوثين، في منزله لا في جبهة، يفترض به أن يخيف المليشيات الحوثية أكثر، لأنه يقضي على مشروع تمزيق الهوية والنسيج الاجتماعي لتعز، ويجعل من العقلاء يغلبون مشروع الدولة على مشروع المليشيات الذي اختبروه بما يكفي.
أن تستعاد الجغرافيا بوسائل لا تمر من خلال بنادقهم ومآثرهم الورقية.. ربما هذه هي خطئة منير.
ليست مشكلة منير في عزاءٍ قدّمه لقريب راحل، في بلد بات بحاجة لعزاء جماعي إنما المشكلة، في عمقها، أنه لم يُعسكر إدارة العمليات، ولم يتحول إلى زعيم مليشيا يرتدي بدلته العسكرية كأصغر بلطجي برتبة ضابط. لم يبايع أحدًا، ولم يطلب لنفسه سوى سلطة المعنى لا سلطة القوة.. وهنا تكمن الخطيئة.