( ١٩ – الرازم ) .
– تروج فى اليمن حكايات كثيرة عن الرازم ، وقبل أن نسرد بعضها ، يجب أن نتطرق إلى معنى الرازم ، سواء لغة ، أو اصطلاحا فى عرف أهل اليمن .
– الرازم اصطلاحا :
هو عبارة عن كابوس يراه النائم يجعل جسمه فى حالة شلل تام ، فلا يقدر على الحركة أو الصراخ ، وهو ما يقابل مصطلح ” شلل النوم ” كما يعرف فى معظم أنحاء العالم .
– الرازم لغة :
جاء فى مختار القاموس ، أن الرازم يرجع إلى الفعل رزم ، ومنه الرزمة ، بالتحريك ، وتعنى صوت الناقة ، وذلك اذا رئمت ولدها ، تخرجه من حلقها . وفى المثل ” لا خير فى رزمة لا درة فيها ” وهو يضرب لمن يعد ولا يفى . وأرزم الرعد : اشتد صوته ، وأرزمت الناقة : أى حنت على ولدها . وفى المثل ” لا أفعله ما أرزمت ام حائل ” وأم حائل هى الأنثى من أولاد الإبل ساعة تولد ، يقال : أنتجت الناقة حائل حسنة .
والرزمة بالكسر : ماشد فى ثوب واحد . ورزم القوم : أى ضربوا بأنفسهم الأرض لا يبرحون . والمرازمة فى الطعام : المعاقبة ، بأن يأكل يوما لحما ، ويوما عسلا ، ويوما لبنا ونحوه ، ولا يداوم على شيء . وبه فسر قول سيدنا عمر رضى الله تعالى عنه : ” إذا أكلتم فرازموا ، ورزم الشيىء يرزمه : أى جمعه فى ثوب .
– الرازم علميا :
يرى المختصون أن شلل النوم أو الجاثوم هو الحالة التي تحدث أثناء الاستيقاظ أو النوم ، ويكون الشخص فيها واعيا ، ولكنه غير قادر على التحرك أو الكلام . وخلال النوبة ، فإنه قد يصاب بالهلوسة ، بمعنى أنه قد يسمع أو يشعر أو يرى أشياء غير موجودة ، وهو ما يؤدى غالبا إلى الخوف . وتستمر هذه النوبات عموما أقل من بضع دقائق ، وقد تحدث كنوبة واحدة أو كنوبات متكررة .
– ويعتقد بعض اليمنيين أن سببه هو القرين الذى يعيش مع الإنسان ويقترن به ، يأكل من مأكله ويشرب من مشربه ، وفى حال تعود هذا القرين على تناول ما يأكله قرينه من الإنس ثم قطعه عنه ، فإنه يأتيه فى الليل على شكل كابوس يشل جسمه ولا يهدأ حتى ينفذ له طلبه .
– وفى ضوء أن معظم اليمنيين يتناولون القات ويمضغونه نهارا ، فإن الاعتقاد السائد بأن الرازم أيضا يصبح مدمنا على تناول القات كونه مصاحبا للإنسان ، وفى حال توقف الإنسان عن مضغ القات ، فإن شبح الرازم سوف يأتيه ليلا ويفزعه بالكثير من الكوابيس . وهناك اعتقاد شعبى مقابل ، يرى أن علاج الشخص الذى يأتيه الرازم ليلا ، يتمثل فى تناول الكثير من القات فى اليوم التالى ليعوضه عن اليوم السابق ، وحتى يتركه الرازم فى حال سبيله ينام بأمان .
– ويروى الناس أوصافا متعددة للرازم منها : أن يحلم الشخص بأنه يسقط من جبل شاهق فيفزع ويصرخ طالبا للنجدة ، ومنها أن يحلم بأن موقفا صعبا حدث له مثل الضرب أو الغرق ، وغيره من المصاعب والأهوال التى تختلف من شخص لآخر . وهنا تظهر روح الدعابة عند اليمنيين ، فينسجون حوله الكثير من الحكايات الفكاهية ، فيقول أحدهم : جاءنى على هيئة رجال يمسكون بى فيصيبنى شلل وأصرخ ولا يسمعنى أحد ، ويقول آخر : جاءنى على هيئة عبد أسود يضربنى بالسوط ولا أستطيع الهرب ، ويقول ثالث : يشعرني بأنى أسقط من ارتفاع شاهق ، ورغم صراخى لم ينقذني أحد حتى صحوت من النوم ، ويقول رابع : كنت فى صراخ واشتباك مع أحد الأعداء ولم أتمكن من ضربه وهو يضربنى ، وهكذا .. والأمثلة كثيرة .
– أسباب الرازم : وبينما قد تحدث هذه الحالة للأصحاء ، أو الذين يعانون من النوم القهري ، أو قد يتم تناقلها وراثياً في الأسر نتيجة تغييرات وراثية معينة . فمن الممكن أن يكون سبب الحالة هو : قلة النوم ، التوتر النفسي ، دورات النوم المضطربة . ومن المعتقد أن الآلية الأساسية تنطوي على خلل في نوم حركة العين السريعة . ويستند التشخيص على وصف المريض . وتشمل الحالات الأخرى التي يمكن أن تظهر مشابهة لشلل النوم : نوبة الصرع الارتخائية ، وشلل نقص بوتاسيوم الدم الدوري .
– وبينما لم تتم دراسة خيارات العلاج في حالة شلل النوم في الأبحاث العلمية بشكل مُوسّع ، فمن المستحسن طمأنة الأشخاص المصابين بأن الحالة شائعة وليست خطيرة عموما . أما الجهود الأخرى التي يمكن القيام بها ، فتشمل النوم الصحي ، العلاج السلوكي المعرفي ومضادات الاكتئاب . ويعاني بين ٨ و٥٠ % من البشر من شلل النوم في فترة ما من فترات حياتهم . فى حين يصاب حوالي ٥ % من البشر بنوبات بصورة مستمرة . ويصيب المرض الذكور والإناث بنفس المعدل .
– وفيما يتعلق بأعراضه ، فقد استطاع العلماء مؤخراً اكتشاف أحد أسرار هذا الاضطراب ووصفه بطريقة علمية ، وذلك بعد اكتشاف مراحل النوم المختلفة ، ومعرفة جميع التغيرات الحيوية التي تصاحب كل مرحلة منها . وتتركز مرحلة النوم الحالم ، التي تبدأ عادة بعد ٩٠ دقيقة من بداية النوم ، في الثلث الأخير من ساعات النوم قرب وقت الاستيقاظ ، وتتسم بارتخاء كامل لعضلات الجسم جميعها ، ماعدا عضلة الحجاب الحاجز وعضلات العين الخارجية ، ويَعرض فيها للنائم من الأحلام المسلسلة الواضحة ما يمكن أن يكون نتيجة لنشاط ذهني غني بالأحداث .
– وبالنسبة لعلاج شلل النوم ، فهو يعتمد أساساً على ما يلى :
– انتهاج أسلوب حياة صحي ، يتمثل فى انتظام مواعيد النوم والاستيقاظ .
– ممارسة نشاط رياضى بصفة مستمرة .
– النوم لساعات كافية أثناء الليل ، وأيضا النوم على أحد الجنبين بدلا من الاستلقاء على الظهر .
– تجنب أسباب التوتر والسهر ، وعلاج القلق بالوسائل السلوكية .
– إمكانية وصف الأدوية المهدئة ، أو علاج الاكتئاب لتخفيف التوتر ، وتثبيط مرحلة النوم الحالم في حالات محددة .
– وبالإضافة إلى ذلك ، فإنه عند التعرض لشلل النوم ، يوجد هناك ما يمكن القيام بها للحظات معدودة للتخفيف من القلق والخوف ، وتسريع عملية الاستيقاظ ، حيث ينصح بتحريك أصابع القدم ، وعدم المقاومة ، وفتح العينين وإغماضهما بشكل مستمر ، حيث يساعد كل ذلك على الإستيقاظ بشكل أسرع .
* المرجع : مصادر متعددة .
*السفير المصري سابق في اليمن.