منذ عام 2023، يطلق أبناؤنا الطلبة المبتعثون صرخة مدوية، صرخة يملؤها الألم والإحباط، صرخة تخترق جدران الصمت والتجاهل الذي تمارسه “الشرعية” المزعومة. صرخة تتردد في أرجاء الغربة، مطالبة بحقوقهم الأساسية التي كفلتها لهم الدولة، حقوق لطالما تغنت بها “الشرعية” كجزء من مسؤولياتها تجاه أبناء الوطن.
أبناؤنا المبتعثون، هؤلاء الذين راهن عليهم الوطن لبناء مستقبله المشرق، هؤلاء الذين حملوا أحلامهم وطموحاتهم وتوجهوا إلى أصقاع الأرض لنيل العلم والمعرفة، يواجهون اليوم كابوساً مزمناً، كابوساً اسمه “تأخر المستحقات”. سبعة أرباع سنة مرت، سبعة فصول دراسية عصيبة، سبعة مرات شعروا فيها بالخذلان والغبن، سبعة مرات اضطروا فيها لمواجهة صعوبات جمة من أجل توفير لقمة العيش ودفع رسوم الدراسة، سبعة مرات تساءلوا فيها: إلى متى سيستمر هذا التجاهل؟ إلى متى ستظل “الشرعية” صماء عن صرخاتنا؟
إن تجاهل مستحقات المبتعثين ليس مجرد تأخير لدفعة مالية، بل هو تقويض لأحلامهم، وتدمير لطموحاتهم، وتحطيم لآمالهم في خدمة وطنهم. إنه بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على مستقبلهم ومستقبل الوطن الذي يعتمد عليهم. إن هذا التجاهل يضطرهم إلى الاستدانة والوقوع في براثن الديون، ويدفع بعضهم إلى التفكير في العودة القسرية إلى الوطن، ضاربين عرض الحائط بأحلامهم وتطلعاتهم.
أين هي “الشرعية” التي تدعي الحرص على مصلحة الوطن والمواطن؟ أين هي المسؤولية التي تتشدق بها في كل مناسبة؟ أين هي الوعود التي قطعتها على نفسها بحماية حقوق أبنائها في الداخل والخارج؟ هل أصبحت مصالح الفاسدين وأجنداتهم الضيقة أهم من مستقبل هؤلاء الشباب الذين يمثلون عماد المستقبل؟
إن صمت “الشرعية” وتجاهلها لمطالب المبتعثين هو وصمة عار في جبينها، ودليل قاطع على فشلها في تحمل مسؤولياتها تجاه أبناء الوطن. إن هذا الصمت يرسل رسالة سلبية إلى كل شاب طموح، مفادها أن الدولة لا تهتم به ولا تقدر تضحياته.
إننا نطالب “الشرعية” بتحمل مسؤولياتها كاملة، وندعوها إلى الاستماع إلى صرخات المبتعثين، والتحرك الفوري لصرف مستحقاتهم المتأخرة، ووضع حد لهذا الظلم الذي يلحق بهم. كما نطالبها بوضع آليات واضحة ومحددة لضمان عدم تكرار هذا التأخير في المستقبل.
إن مستقبل الوطن أمانة في أعناقكم، فلا تخذلوا أبناءكم، ولا تدمروا أحلامهم، ولا تقتلوا طموحاتهم. تذكروا أنكم محاسبون أمام الله وأمام التاريخ عن كل تقصير وإهمال. كفوا عن تجاهل صرخات المبتعثين، واستجيبوا لمطالبهم العادلة، وقوموا بواجبكم تجاههم، فهم مستقبل الوطن وثروته الحقيقية.