تصاب العلاقات الإنسانية ببعض الفتور، نتيجة المتغيرات وتصاعد الأحداث، فتستغل الجماعات الانتهازية ضعف بنية المجتمع الذي ساهمت هي وبكل الأشكال على جعله هشًا، الأمر الذي مكنها من الرقاب والسيطرة على حساب استحقاقات عديدة.
بالمقابل تظهر كيانات مهمتها ترميم الفتور والخدوش والزوايا المعتمة، ومنح الحياة فرصة جديدة بتقارب الأرواح وبعث الأمل وانعاشه من الغيبوبة التي أصابته.
اتحدث هنا عن المبادرات المجتمعية التي تحاول أن تقوم بدور السلطة في بعض الأوقات وتسد الفراغ الذي خلفته الصراعات وغاب عن خاطر المسؤول والمعني الأول.
وانطلاقا من واقع لامسته خلال أسبوع كامل من العمل التطوعي لدى مؤسسة الصالح الاجتماعية للتنمية هنا في القاهرة، بالإضافة لمتابعتي لأنشطتها في الداخل خلال هذا الشهر الفضيل وما تقوم به على مدار العام.
وقد شدني الفضول لتتبع تفاصيل دقيقة لا يتسع المقام لذكرها وسأكتفي بالاشارة فقط إلى حجم الإهتمام من رئيس مجلس إدارة المؤسسة سعادة السفير أحمد علي عبدالله صالح، والقائمين عليها في الداخل والخارج، وحجم التحفيز ومنح الصلاحيات للخروج بعمل إنساني واجتماعي مشرف يترك أثرا طيبا في القلوب والنفوس وعلى نطاق واسع.
كما تم عمل دورات تدريبية توعوية بالجانب الإنساني والأخلاقي أثناء التوزيع والنزول الميداني، واحترام خصوصية الآخرين ومنحهم جرعة أمل بالابتسامة واللطف وحسن الحديث.
على المستوى العملي لمست أثناء توزيع المساعدات الغذائية والمالية في القاهرة والإسكندرية وأسيوط وسوهاج والمنصورة محاولة تميَّز، بتقديم المؤسسة معونات تفي بالغرض وهو ما عكس حجم الإهتمام والمتابعة الحثيثة.
وأنا هنا أردت الإشارة إلى أن العمل المؤسسي دائما بحاجة لشخصيات إدارية، تحمل على عاتقها مسؤولية حقيقية؛ قادرة على الإبداع والتناغم والوفاق، ورسم صورة من التكامل.
بالإضافة إلى تمثيل هذا الكيان التنموي بالشكل الذي يليق باسمه ومؤسسه الراحل الشهيد علي عبدالله صالح الذي يصادف اليوم 21 مارس 1942م يوم ميلاده، ونجله رئيس مجلس الإدارة العميد أحمد الذي عُرف عنه أثناء توليه مناصب إدارية بأنه بيروقراطي من الطراز الأول.
المؤسسة تعمل دون ضجيج، سواء في رمضان الذي استطاعت أن تصل فيه إلى قلوب آلاف الأسر، أو طوال العام، وتبذل جهود مضنية من خلال دعم مرضى السرطان وزراعة الكبد والكلى وعمليات القلب المفتوح وغيرها.
وسواء اتفقنا أم اختلفنا فإن أثر الصالح لا يزال يدب في الأرض والافئدة وفي عموم البلاد ومراكزها، وهناك تفاعل واسع مع ذوي الهمم والأمراض المستعصية والمستشفيات ودور العجزة والمعاقين والجرحى، والنازحين الذين هم ضحايا لحرب افتعلتها المليشيا متعمدة الفوضى.
هذه فصول قصيرة من قصة مليئة بالنجاح والكثير من التفاصيل اسمها (مؤسسة الصالح)، وقصة وطن يرزح تحت وطأة الحرب، وشعب يحتاج من الجميع الالتفاف حوله في الملمات والكوارث بعد أن فقد الكثير من المقومات خلال عقد ونيف من الزمن.
تحية إجلال وتقدير واكبار لكافة القائمين على هذا الصرح الإنساني الشامخ، الذين بذلوا من أموالهم ووقتهم وجهدهم؛ من أجل أن يقفوا على أوضاع الناس، بهدف التخفيف وتحقيق الهدف الأبرز والاسمى وهو التنمية والدعم ولا سواهما.
الرحمة لروح الشهيد علي عبدالله صالح، والسلام لكل من لا يزال قريبا من الناس بالدعم والكلمة الطيبة، يتمثل الصدق ويجسد روح الألفة ويحث على الخير.