على ما يبدو أن انتهاكات الانصار وعنجهيتهم وتكريس حضورهم ومسيرتهم أمر إيجابي، فهم بهذه الممارسات يكشفون المكنون ويضعون النقاط دون تحفظ على الحروف، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
الأمر ليس جديدا فهذا هو ديدنهم منذ الحروب الستة وقبلها ولا يوجد ما يخفى على الناس إلا ما استطاعوا أن يصلوا به إلى بعض العقول ويقومون بغسلها نتيجة لوجود أبواب مشرعة أمامهم وغياب الرادع.
ما حدث خلال عشر سنوات وأكثر كوكتيل من النفي والقمع والفقر والاعتقالات والتعذيب والترهيب والتجهيل والنزوح هو كفيل تماما باقتلاعهم لذا فإن ما يحدث اليوم مجرد بروفة لتعرفوا المسلسل الحقيقي الذي يخبئونه للحياة القادمة.
كل هذه الغطرسة والصعود السريع يحسبونه تمكين أو ربما منحة ربانية، كما يروجون للسيد العلم وبركاته رغم أن كافة المعطيات والشواهد تثبت أن هذا كله انتحار يؤسس لمشروع الموت والفيد والجبايات والخرافة.
على الجميع أن يدركوا مدى الحاجة التي كانت لثورة 26 سبتمبر وكم كانت ضرورية، وكيف عاش الأجداد واليمن خلال مراحل مختلفة لتعرفوا أهمية التنوع والشورى والحرية والعدالة والكرامة والوحدة واحترام الإنسانية.
لتعرفوا بشاعة العنصرية والطائفية والمذهبية المقيتة والاصطفاء الزائف والشجرة الخائبة والانتماء الكاذب والتدليس على الله وعلى النبي وصحابته.
يكفي اساليب التجويع والتهجير وتفجير المنازل وتعطيل التنمية والتمييز العنصري واحياء الطبقية وافتعال الأزمات واستغلال المواطن والترويج للولاية وفرض الشعائر الدينية والأفكار الهدامة والاعتقالات اليومية وحصار المدن وتدمير القضاء وإفساده.
علينا أن نعي أن حادثة رداع البيضاء في ذكراها السنوية أو زراعة ملايين الألغام أو غيره، ليست ملفات منفصلة، اليمن وجع واحد قضية واحدة جغرافيا مترامية تحتاج إلى ترميم بعيدا تماما عن هذه المليشيا.
إن بقاء هؤلاء بهذه العقلية يعني استمرار الحرب الأهلية وسحق المجتمع وإعادة رسم الوطن كما لو أن الجميع في قمة شاهقة معصوبي الأعين وليس لديهم من طريق للنجاة.