رمضان في اليمن بين قدسية الشهر ومرارة الواقع تحت حكم الحوثي
حلّ شهر رمضان المبارك على شعبنا اليمني كضيف عزيز، حاملاً معه نفحات الإيمان والروحانية التي تضيء قلوباً أنهكتها سنوات الحرب والفقر. إلا أن هذا العام، كما الأعوام السابقة، يأتي رمضان ليُذكّر اليمنيين بمعاناة مضاعفة تفرضها ظروف معيشية قاسية، تفاقمت في ظل حكم جماعة الحوثي المسيطرة على مناطق واسعة من البلاد.
في بلد يعاني فيه أكثر من نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي، يصبح تأمين وجبة إفطار بسيطة تحدياً يومياً بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني الناتج عن تدهور العملة المحلية والقيود المفروضة على حركة البضائع إضافة للجبايات التي تفرضها جماعة الحوثي على التجار مما يحوّل أبسط المواد الغذائية إلى رفاهية لا يقدر عليها الكثيرون. صور موائد الإفطار الخاوية أو التي تقتصر على الخبز والشاي، أصبحت مألوفة في بيوت اليمنيين، تعكس حجم المعاناة التي يعيشونها.
لا تقتصر معاناة اليمنيين في رمضان على الجوانب المادية،،بل تتعداها إلى تضييق الحوثيين على الحريات الدينية والاجتماعية وفرض قيود على صلاة التراويح في المساجد، ومنع بعض المظاهر الاحتفالية بالشهر الكريم وتحويل المساجد لمجالس لتخزين القات والإستماع لهرطقات زعيمهم المشؤوم مما يثير استياءً واسعاً بين المواطنين كما تقوم الجماعة باستغلال الشهر الفضيل لفرض المزيد من الجبايات والضرائب تحت مسميات مختلفة.
على الرغم من كل هذه التحديات، لا يزال اليمنيون يتمسكون بأمل ضعيف في غد أفضل. يجدون في شهر رمضان فرصة للتكافل والتراحم، حيث تتكاتف جهود الخيرين لتقديم المساعدة للمحتاجين كما تظل المساجد ملاذاً للعبادة والدعاء وتذكّرهم بقيم التسامح والمحبة التي تميز هذا الشهر الفضيل برغم تعنت جماعة الحوثي.
رمضان في اليمن هذا العام هو صرخة مدوية للضمير الإنساني. يتطلب الوضع الإنساني المتدهور تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم الدعم الغذائي والصحي اللازم لإنقاذ حياة الملايين.
وفي الختام لا يسعنا إلا أن ندعو الله أن يرفع البلاء عن وطننا الغالي وشعبنا العظيم وأن يعيد الأمن والاستقرار إلى هذا البلد العزيز، وأن يجعل رمضان هذا العام بداية لفرج قريب. فالشعب اليمني يستحق الحياة الكريمة، ويستحق أن يفرح برمضان كما يفرح به بقية المسلمين في العالم.