منبر حر لكل اليمنيين

مديح الظل العالي

27

دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً
ستتَّسعُ الصحاري
نم يا حبيبي ساعةً
هيَ ساعةٌ لوضوحنا
هيَ ساعةٌ لغموضِ ميلادِ النهارِ
كمْ كُنْتَ وحدك يا ابن أُمِّي
يا ابنَ أكثر من أبٍ
كم كُنْتَ وحدكْ
القمحُ مُرُّ في حقول الآخرينْ
والماءُ مالحْ
والغيم فولاذٌ وهذا النجمُ جارحْ
يا ابن الهواء الصَلْبِ
يا ابنَ اللفظةِ الأولى على الجزر القديمةِ
يا ابنَ سيدةِ البحيرات البعيدةِ
يا ابنَ من يحمي القُدامى
من خطيئتهم ويطبع فوقَ وجهِ الصَّخر برقاً أو حماما
لحمي على الحيطان لحمُكَ
يا ابنَ أُمِّي
جَسَدٌ لأضرابِ الظلالْ
وعليك أن تمشي بلا طُرُقٍ
وراءً أو أماماً أو جنوباً أو شمالْ
كَمْ كنتَ وحدكْ !
هي هجرةٌ أُخرى فلا تكتب وصيتكَ الأخيرةَ والسلاما
سَقَطَ السقوطُ وأنت تعلو
فكرةً
ويداً
و شاما
كسروكَ، كم كسروكَ كي يقفوا على ساقيك عرشا.!
وتقاسموك وأنكروك…
وأَطَلْتَ حربَكَ يا ابن أُمِّي
ألف عامٍ ألف عامٍ في النهارِ
فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرارِ
هم يسروقون الآن جلدكْ
فـ احذرْ ملامحهم وغمدَكْ
كم كنتَ وحدكَ  يا ابن أُمِّي
يا ابن أكثرَ مِنْ أَبٍ
كَمْ كُنْتَ وحدكْ .!
سقطتْ قلاعٌ قبلَ هذا اليومِ، لكن الهواء الآن حامضْ
وحدي أدافع عن جدارٍ ليس لي
وحدي أدافع عن هواءً ليس لي
وحدي على سطح المدينة واقفٌ..
أَيُّوبُ ماتَ، وماتتِ العنقاءُ، وانصرفَ الصَّحابَهْ
وحدي أراود نفسيَ الثكلى فتأبي أن تساعدني على نفسي
ووحدي كنتُ وحدي
عندما قاومتُ وحدي وحدةَ الروحِ الأخيرهْ
سأراك في قلبي غداً
سأراك في قلبي
وأجهشُ يا ابن أُمِّي باللُغَهْ
لغةٍ تُفَتِّشُ عن بنيها
عن أراضيها وراويها
تموتُ ككُل مَنْ فيها وتُرمى في المعاجمْ
هي آخرُ النَّخل الهزيلِ وساعةُ الصحراءِ
آخرُ ما يَدُلُّ على البقايا
كانوا، ولكنْ كُنْتَ وحدك
كم كنتَ وحدكَ تنتمي لقصيدتي، وتمدُّ زندكْ
كي تُحوِّلها سَلالِمَ، أو بلاداً، أو خواتمْ
كَم كنتَ وحدكَ يا ابن أُمي
يا ابن أَكثرَ من أَبٍ
كَمْ كنتَ وحدك ْ!..
والآن والأشياءُ سَيِّدَةٌ
وهذا الصمت يأتينا سهاما
هل ندركُ المجهولَ فينا
هل نغني مثلما كنا نغنيِّ؟
آه، يا دمنا الفضيحة
هل ستأتيهم غماما
هذه أُمم تَمرُّ وتطبخ الأزهار في دمنا
وتزدادُ انقساما
هذه أُممٌ تفتِّش عن إجازتها مِنَ الجمل المزخرفِ…
هذه الصحراءُ تكبر حولنا
صحراءُ من كل الجهاتْ
صحراءُ تأتينا لتلتهم القصيدةَ والحساما
هل يعرف البوليس أين ستحبل الأرض الصغيرة بالرياح المقبلة؟
اختلطتْ شخوصْ المسرح الدمويّ:
لا قاضٍ سوى القتلى
وكفُّ القاتل امتزجَتْ بأقوال الشهودِ
وأُدخل القتلى إلى ملكوت قاتلهم
وتمَّتْ رشوةُ القاضي فأعطى وجهه للقاتل الباكي على شيء
يُحَيِّرُنا…
سَرَقْتَ دموعنا يا ذئب
تقتلني وتدخل جُثَّتي وتبيعها .!
أُخرجْ قليلاً من دمي حتى يراك الليلُ أَكثر حُلْكَةً..!
اليوم أكملتُ الرسالةَ فانشروني إن أردتم في القبائلِ توبةً
أو ذكرياتٍ أو شراعا
اليوم أكملتُ الرسالةَ فيكُمُ
فلتطفئوا لهبي إذا شئتم عن الدنيا
وإنْ شئتمْ فزيدوهُ اندلاعا
أنا لي كما شاءتْ خُطايَ
حملتُ روحي فوق أيديكم فراشاتٍ
وجسمي نرجساً فيكمْ
وموتايَ اندفاعا
والآن أكملنا رسالتنا
إذْ اُتَّحدَ الشقيقُ مع العدوِّ
ولم نجد أرضاً نُصَوِّب فوقها
دَمَنا
ونرفعه قلاعا.

تعليقات