لا شك أن النقاش السياسي التاريخي حول مسلسل معاوية سيطغى على النقاش الفني، لكني سأضع بعض الملاحظات الفنية حول الحلقة الأولى.
المسلسل ناجح من ناحية اختيار الممثلين، والإخراج، والديكور. إنتاج راقٍ جدًا.
المشكلة حتى الآن تكمن في النص. الحلقة الأولى غطّت مساحة زمنية واسعة، منذ ولادة معاوية وحتى فتح مكة، وكان يُفترض أن تؤسّس لشخصيته. كيف تشكّلت شخصيته ليصبح داهية العرب الأول، ومؤسس إمبراطورية الإسلام، وحامي الدولة الإسلامية من الانهيار؟
كيف أثّرت رحلاته مع أبيه إلى الشام وتفاعله مع الحضارة البيزنطية في تشكيل وعيه، خاصة أنه بنى جيشه وأسطوله وحكمه مستوحيًا من التجربة الحضارية البيزنطية؟
وبصفته كان أحد المتعلمين القلائل، مما أهّله ليكون كاتبًا للوحي، أين تعلّم؟ وما المؤثرات الثقافية التي شكّلته؟
صحيح أن المعلومات التاريخية عن معاوية كشخص قليلة، لكن المعلومات عن المؤثرات الثقافية والسياسية في عصره ضخمة، وكان الكاتب قادرًا على إعمال خياله لصناعة شخصية درامية ناجحة.
أما شخصية أبي سفيان، زعيم قريش وأذكى قادتها، فبدت مسطّحة وهشّة. أين فهمه لتوازن القوى، ولعبه على حبال السلطة، وقدرته على كسب ودّ محمد وإبقاء علاقات دبلوماسية معه حتى في ذروة الصراع؟ لا شيء!
هذه ملاحظات فنية لا تنفي جمال الحلقة، خاصة أن المؤلف يسير وسط حقل من الألغام. فحتى كتب التراث السني كُتبت من وجهة نظر متشيّعة، وكل فريق له روايات وأحاديث نبوية وتفسيرات تؤيّده وتلعن خصمه.