إلى متى سنظل نتفرج على مجتمعنا وهو ينهار ماديا وروحيا والأجيال تدمر وتخرب جسديا وعقليا وتحقن بالجهل والفقر والجوع والخوف والتشرد ويمارس في حقها القهر والاستغلال، ويدفع الوطن دفعا نحو التخلف والعجز ونحن مستسلمون لمليشيات تنتشر في كل أرجاء الوطن تبني سلطاتها على حساب أمن المواطن ومنغمسة في القتل والاقتتال والتبعية والتآمر على وطنها وشعبها؟!.
إلى متى سنظل عميان بالتعصب والنزاع والحقد المقيت فيما بيننا، بينما من نتعصب لهم يمارسون النهب لإشباع نزواتهم ورغباتهم المريضة بهدف الإثراء على حساب جوعنا ونحن برغم الجوع نصفق لهم ونساعدهم في تدمير الوطن وفي قمع حرياتنا، فهل ممكن العودة إلى إرادتنا كشعب يبحث عن العدل وتحقيق الأمن وتأمين الضروريات لحياتنا؟.
لقد ظل هؤلاء الأفراد الانتهازيون الطريق وفتحوا الأبواب على مصاريعها أمام التدخل الخارجي، فهل بالضرورة أن نظل نحن كشعب نمارس التبعية لهم، ولماذا لم ترتفع أصواتنا المنادية بالإنقاذ، لماذا يقبل المنتمون بإخلاص ووعي لوطنهم بالحصار المفروض عليهم، والمتعارف عليه أن الإنسان الواعي يتصدى للظلم ليحمي نفسه، فلماذا لا نسعى إلى حماية أنفسنا؟.
لماذا ذاب الشعب كما يذوب الملح في الماء وترك الساحة للانتهازيين والمتآمرين والفاسدين والطغاة وتجار الموت والدماء الذين لا ينتمون إلى جبهة الوطن ولا إلى العدالة والحرية ولا يدافعون عن سيادة الوطن وهويته وكل ما يهمهم هو الفساد والبقاء خارج دائرة المساءلة ولا يجيدون سوى رفع أسلحتهم في وجه الشعب وفي وجه شرفائه الذين يرفضون الظلم والقهر .
دعونا نسأل أنفسنا، من الذي أسس لهذه الكارثة التي حلت بالبلاد وحلت بالشعب، حتى أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن من خسارات كبيرة في الأرواح والخراب والتجويع والمعاناة ونشر الفساد والفوضى، من حق أي منا أن يحمل المسؤلية الجهة التي يريد، لكن يجب علينا أن نبحث عن المخرج ولا نغرق عند السبب فنمدد في النتائج على حسابنا وحساب أولادنا ؟.
علينا ألا نظل حطبا لمعارك أمراء الحرب وتجار السلاح يقتلون فينا ويحرقون ما تبقى من البلاد، فنحن من يساعدهم على ذلك بارتمائنا بحضن هذه المليشيا أو تلك، فمتى سنتخلص من تبعيتنا المهلكة والسماح للمتقاسمين أن يتقاسموننا، ومتى سنفيق من هذه الغيبوبة التي دفعتنا ثمنا غاليا منذو بداية الأزمة وحتى الآن، علينا أن نوقف المتاجرة بنا وبدمائنا وباستقلال وطننا ووحدتنا، فكلما اختلفنا فيما بيننا كشعب، كلما زاد أمراء الحرب وتجار السلاح ثراء وقوة وفتكا بنا، فهل ترى أنك قادر على فرض السلام ووقف الحرب لكي نعيش مثل بقية الشعوب الأخرى ؟.