تحتضن مقابر الغربة أعداداً متزايدة من أبناء اليمن، ضحايا الحروب والصراعات التي مزقت بلادنا،،قصصٌ مؤلمة ترويها شواهد القبور، عن أحلام تبخرت وآمال دفنت قبل أن ترى النور. لم تكن الهجرة خياراً سهلاً لليمنيين، بل ضرورة فرضتها الظروف القاسية، باحثين عن ملاذ آمن وفرصة لبداية جديدة. لكن الموت كان لهم بالمرصاد في أرض الغربة، ليتحول الحلم إلى كابوس أبدي.
تشير الإحصائيات إلى ارتفاع مقلق في أعداد الجالية اليمنية التي فارقت الحياة في المهجر. أسباب الوفاة متعددة، تتراوح بين الأمراض المزمنة والحوادث، وصولاً إلى الصدمات النفسية والاكتئاب الناتج عن الغربة والبعد عن الوطن. يضاف إلى ذلك، صعوبة الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، والتحديات الاقتصادية التي تواجه المهاجرين الجدد.
لا يقتصر الألم على فقدان الأبناء والأحبة، بل يتضاعف مع مرارة دفنهم في أرض بعيدة. فبالنسبة لنا كيمنيين، يمثل دفن الميت في تراب الوطن جزءاً من العادات والتقاليد والقيم المتوارثة. لكن كثيرآ مايحول دون ذلك تكاليف نقل الجثامين الباهظة، والإجراءات المعقدة، تجعل هذا الأمر صعباً إن لم يكن مستحيلاً في كثير من الأحيان خصوصآ لمن لديهم مواقف وطنية ثابتة ضد العصابات المتصارعة بالوطن.
إن مواجهة هذه المأساة تتطلب تكاتف جهود من الجميع. على الحكومة اليمنية المتمثلة بمجلس الرئاسه أن تولي اهتماماً أكبر بأوضاع المغتربين، وأن تعمل على تقديم الدعم المادي والمعنوي لأسر المتوفين. كما يجب على منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية أن تضطلع بدورها في تقديم المساعدة اللازمة.
إن مقابر المهجر هي بمثابة تذكير دائم بالثمن الباهظ الذي يدفعه اليمنيون نتيجة الحروب والصراعات.
إنها دعوة إلى العمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في اليمن، لكي لا تظل مقابر الغربة تشهد على المزيد من المآسي.