في الحقيقة؛ الحوثية حركة أصولية معقدة ومتطرفة، وصلت إلى السلطة عبر مجموعة من الحيل والخُدع التي لم تنطلي على جموع القبائل في شمال الشمال وحسب بل ومجتمعات المناطق الوسطى، وهذه ليست ميزة إذا ما تم ربطها بقناعة شريحة واسعة من الأفراد.
إضافة إلى أن ما جرى فُرض بالقوة المدعومة بالعديد من المغالطات التاريخية والدينية، وهما أمران خطيران يمكن الاعتماد عليهما في المجتمعات الأمية والبيئة القائمة على العصبية الدينية أولا والمناطقية ثانيا وما أكثر ذلك في المجتمعات العربية.
استطاعت الحوثية في فترة وجيزة اختراق الجغرافيا اليمنية عبر المذهبية من جهة والمغالطات التاريخية القائمة على (الاصطفاء) من جهة أخرى، ووفقاً لفقه الواقع والمعطيات فقد كان القضاء على الفساد مدخل أعقبه إسقاط النظام ومؤسسات الدولة وبناء أجهزة موازية، عبّرت بشكل كامل عن أطماع كبيرة، وكشفت عن فخ لم يكن في حسبان القوى السياسية ولا حتى المواطن العادي.
ولعل ما حدث خلال اليومين الماضيين في مديرية نهم شمال العاصمة صنعاء، أثناء الحشد والنفير الذي دعا له الحوثي، والذي انتهى بإهانة القبائل بشكل عام وبعض الوجاهات وقيادات عسكرية من أبناء منطقة الجدعان.
بدأت القصة حين قام القيادي السقاف بهزر الميكرفون من يد ابن عامر بطريقةٍ، عكست عقلية هذه الجماعة طيلة عشر سنوات، مؤكدًا أن هذا ليس من مهام أحد غير السادة والقيادات العليا، كما منع الشيخ ضيف الله مريط من إلقاء كلمته.
هذا الموقف الذي قام به القيادي علي السقاف وغيره من المواقف المخجلة مؤشرٌ واضحٌ ورسالةٌ جلية لباقي القبائل بالتوقف فورًا عن الدفع بأبنائهم إلى ساحات القتال، من أجل مشروع عنصري يهدم القيم والأعراف ويوسع دائرة الثأرات ويمزق العلاقات بين المجتمع.
وقد أظهرت رسالة بن عامر التي كتبها وذيلها بصورة مع التحية: للأخ قايد الثورة ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء وإلى عبد الخالق بدر الدين الحوثي، مدى الذل والإهانة التي ارتضاها البعض لأنفسهم والتي ورطوا بها أفراد القبائل معهم.
والعجيب أن مَرْدِمُ جهنم (أبو علي الحاكم) هو الحاضر دوماً لتهدئة النفوس ورمي الشيلان والجيهان بين أقدام العُقال عقب كل صفعة أو إهانة أو سقوط، لامتصاص أي نفير أو غضب خارج رؤية السيد العلم.
هي دعوة صادقة إلى كل أبناء اليمن عموماً والوجاهات القبلية خصوصاً، لا بد من اليقظة وإيقاف هذه المهزلة، بعيداً عن أي حسابات مناطقية أو مذهبية أو سياسية، صحيح أن الكثير قد تورط ودفع بأبنائه إلى جبهات الموت، لكن ذلك لا يعني الاستمرار في مسلسل الضياع.
الكثير يعول عليكم أيها الرجال فأنتم أصحاب الحل والعقد وشوكة الميزان، وأهل للفضيلة والمعروف، وسادة للقيم والأعراف والكرم والنخوة والغيرة، أصحاب فزعة ومروءة والو بأس، وأصحاب مشورة وحكمة ورأي، فلا تخدعكم جماعة ضالة معجونة بالاحقاد والثارات متعطشة للدماء وتقسيم الجغرافيا مجبولة على العنصرية وتدمير الإنسان…
والله المستعان.