ما من شك في أن الأزمة المالية والاقتصادية والسياسية والعسكرية التي تعرَّض لها اليمن في السنوات الأخيرة، غير مسبوقة في تاريخ البلاد، لا بل هي واحدة من أسوأ الأزمات، التي شهدها العالم، منذ منتصف القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا.
لم تقتنع القوى السياسية بعد بأن اللعب بمصير اليمنيين، واستغلال فقرهم وجوعهم وقلقهم لن يؤدي سوى لخراب ما تبقّى من وطن، حيث يعيش المجلس الانتقالي في واد، والمجلس السياسي للمقاومة في الساحل في واد آخر، وحزب الإصلاح في مأرب في وديان أخرى وقوات السلفيين الموزعة بين العمالقة ودرع الوطن في اتجاه آخر، وفي الضفة الأخرى يعيش الحوثيون على امتصاص دماء الناس، وكل طرف من هؤلاء، يتهم الأطراف الأخرى بالتعطيل .
والسؤال ألذي يطرح نفسه ما العمل في بلد تحكمه كل هذه المليشيات التي لا ترى في اليمن سوى ورقة إيرانيّة أو سعودية أو إماراتية أو قطرية، في ظلّ مجلس قيادة مستعدّ للاستغناء عن اليمن، مقابل أن يظل أعضاؤه في الحكم .
هذه المليشيات صنعت خمس مناطق نفوذ في اليمن مما أثبت بالوجه القاطع بأن الولاء ليس لليمن وإنما للزعماء وللجهات الخارجية الموجهة والداعمة لكل زعيم ميليشيا على حساب أمن واستقرار واقتصاد ومالية اليمن .
استغرق الانهيار الاقتصادي والسياسي في اليمن سنوات، وكان الفساد المنهجي في قلب الأزمة. عززت النخبة السياسية في اليمن، في سعيها للسلطة والثروة، نظاماً قائماً على المحسوبية يفضل المصالح الضيقة على الصالح العام، وقد استنزف الفساد المستشري موارد الدولة، وترك الاقتصاد في حالة من الفوضى ومعاناة الشعب، وإذا لم تتوحد القوى الوطنية في تكتل يحمي المكتسبات الوطنية، فإن اليمن سيتشظى إلى مناطق نفوذ ومحميات لدول خارجية .