في البداية اشكر الاخ العزيز الدكتور حمود العودي السياسي والاكاديمي في علم الاجتماع على اهتمامه بكتابي الكافي من تاريخ اليمن(قديمه واوسطه وحديثه) سواء حين اعتبر أن الجد الأول لليمنيين قحطان خرافة لا اصل لها وكذلك حين وصف الديانة اليمنية القديمة بالساذجة والبسطية وأيضا نكرانه القاطع ان النقوش اليمنية لم يرد فيها قط اسم القبيلة، وقد سبق وان اوضحت له خطأ فهمه بالدليل التاريخي الذي ذكره كل المؤرخين اليمنيين والعرب والاجانب.
واليوم اوضح للاخ العزيز حمود اللبس الذي وقع فيه من جديد في كتابته الثانيه عن الكتاب والتي نشرها في صفحة الفيسبوك تحت عنوان: اكذوبة أن الامامة الزيدية حكمت اليمن ١١٠٠ سنة.
واقول للاستاذ الكبير للعلم والإحاطة: يبدو أنك يا أخي الكريم وللمرة الثانية لم تقرأ الكتاب جيدا بل أجتزأت منه أجتزاء
لقد ظهر في اليمن احد عشر دولة وإمارة طيلة قرابة الف ومائة سنه ابتداء بدولة آل زياد في زبيد عام ٢٢٢ هجرية ودولة اليعافرة في شبام كوكبان عام ٢٢٥ هجرية ثم دولة علي ابن الفضل ٢٧٠ هجرية تلى ذلك دولة يحيى بن الحسين الرسي(الهادي)عام ٢٨٤ هجرية وقد تصارعت تلك الدول الاربع فيما بينها بغرض التوسع في الحكم على حساب بعضها البعض (وكانت صنعاء بالذات ميدانا للصراع كونها العاصمة ) ثم تلى ذلك الزمن ظهور عدد من الدول والإمارات كالصليحيين(الذين حكموا غالبية اليمن) وآل نجاح وآل مهدي ثم الهمدانيين حتى وصول الايبويين ومن بعدهم آل رسول ( الذين حكموا كذلك غالبية اليمن الطبيعية) علما ان الدولة الصليحية وكذلك الدولة الرسولية قد اتفقتا مع عدد من الأئمة الذين كانو متحصنين في قلاعهم في شمال الشمال ان يحكموا مناطقهم تحت السيادة الصليحية وكذلك الرسولية مقابل استلامهم نسبة من جباية الزكاه وقد استمر الصراع بين عدد من الأئمة وبين الدولة الطاهرية حتى تم القضاء عليها على يد الشراكسة المصريين عام ٩٢٣ هجرية ولم يبق من تلك الدول والإمارات غير أئمة الدولة الزيدية في شمال الشمال وكان اخرهم الامام شرف الدين(ت/٩٦٥) وابنه المطهر (ت/٩٨٢) (من تمكنا بعد انسحاب الشراكسة من اليمن من التوسع في الحكم حتى عدن وتهامه) وكان المطهر هو الذي استدعى الأتراك من تهامة للطلوع الى صنعاء عقب خلافه مع ابيه واخوته عام ٩٥٢ هجرية.
وفي ظل التواجد العثماني ظهر مؤسس الدولة القاسمية القاسم بن محمد (ت/١٠٢٨) الذي استمرت دولته بعهديها الأول والثاني حتى عام ١٩٦٢ وقيام الثورة اليمنية المباركة.
وهذا يوضح ياعزيزي حمود وبإجماع المؤرخين اليمنيين ابتداء بالمؤرخ يحيى ابن الحسين ومحمد زبارة والخزرجي والجندي وابن الدأيبع ومحمد علي الاكوع ثم عبدالله الشماحي وعبدالله الجرافي ومحمد يحيى الحداد وحتى الدكتور حسين عبدالله العمري وغيرهم ان الأمامة الزيدية(الهادوية التي سميت بالزيدية مجازا نسبة للأمام زيد بن علي رضي الله عنه (صاحب نظرية الفاضل والمفضول في الحكم لأن الهادي أخذ منه الاصول وأضاف اجتهاد منه حسب طبيعة المذهب الزيدي ولم تقم اي دولة أمامية بعد الهادي على نظرية الامام زيد في اختيار الأفضل) و جميع أولئك المؤرخين يؤكدون أن الإمامة في اليمن استمرت ١١٠٠ سنة بين مد الى أنحاء اليمن كما كان في عهد المتوكل على الله اسماعيل ت ١٠٨٧ ( الذي حكم اليمن كاملا) وانكفاء وانحسار في شمال الشمال في ظل تواجد الدول الإمارات اليمنية الاخرى التي انتهى امرها ولم يبق الا إمامة الدولة الزيدية بعهودها المختلفة التي انتهى امرها بقيام ثورة سبتمبر الخالدة التي وضعت حدا للنظام الامامي الملكي الفردي وقيام نظام جمهوري جمعي لافرق فيه بين هاشمي وقحطاني وزيدي وشافعي واتمنى ان يأتي زمن تذوب فيه أمراض السلالية والمذهبية والمناطقية والانفصالية المقيته.
وكم أتمنى عليك ياصديقي الدكتور الذي احترمك واحترم فكرك السياسي الاشتراكي ورؤيتك الوطنية في هذا الزمن ان تقرأ التاريخ اليمني جيدا والا تعتمد في احكامك على الاجتزاء(ولا تقربو الصلاة…) فقد قلت في كتابي بالنص في صفحة ٢٥٤: وقد حكم اليمن طيلة ١١٠٠ عام ابتداء بالهادي عام ٢٨٤ وحتى الامام محمد البدر عام ١٣٨٢ قرابة ٦٧ أماما حكم غالبيتهم في شمال الشمال ولم اقل(اليمن بكامله)وكنت أتمنى عليك قراءة الفصل الرابع (الدول و الإمارات اليمنية) الذي كان سيغنيك عن اللبس الذي وقعت فيه دون قصد بالطبع.
اخيرا يبدو ان كتاب الكافي للكليني الفارسي الاثنى عشري قد سيطر على فهمك لمعنى الكافي ولاتعرف غيره وكأنك معجباً به وتروج له وأرجو أن تدخل عبر شبكة النت وستجد أحد عشر كتابا تحت اسم الكافي منها:الكافي من الحديث والكافي من الفقه والكافي من اللغه علما اني اخترت اسم الكافي عنوانا لكتابي كان من منطلق عدم التوسع في الحديث عن التاريخ اليمني الذي لاتستوعبه آلاف الصفحات فقد اوجزت الحديث على سبيل المثال عن الممالك اليمنية القديمة وعن الدول اليمنية التي ظهرت بعد الإسلام مثل دولة الصليحيين ودولة آل رسول وغيرهما كما اوجزت الحديث عن دول وحكومات النظام الجمهوري حتى عام ٢٠١١ بصفحات معدوده تضمنت المعلومات الكافية المهمة عن تلك الدول دون توسع ممل.
فهل عرفت ياصديقي حمود وغيرك من الاصدقاء ماسبب اختياري لأسم الكافي؟؟
كما ارجو منك تصحيح معلوماتك عن الدولة القاسمية التي استمرت قرابة ٣٤٢ سنة وليس مائتين ونيف من السنين كما ذكرت كذلك تصحيح الزمن الفارق بين مذبحة المطهر شرف الدين الذي لم اقل في صفحة ٣٠٤ بأن واقعة أسر وقتل المطهر شرف الدين للآلآف وإجبار الألآف من الأسرى منهم أرجو ان تعود إلى تلك الصفحة وستجد اني ذكرت بالتحديد: وكذلك مذبحته الشهيره في منطقة بعدان عام ٩٤١ التي كانت مؤيده لمن بقي من الطاهريين بقيادة الشريف يحي السراجي الذي كان وزيرا لآ ل طاهر فبعد النصر عليهم أمر بقطع رأس ألف اسير من أسراه وأمر الألف الأسير الباقيين ان يحمل كل واحد منهم رأس قتيل وقد ذكر ذلك حفيد المطهر عيسى لطف الله في كتابه روح الروح بأن المعركة كانت في منطقة موكل الكائنه قرب دمت التي كانت وقتها تتبع منطقة بعدان بقيادة خال السلطان الطاهري علي محمد البعداني، ويكون الفارق بين ذلك الزمن وزمننا اكثر من اربعمائة سنه لاكما ذكرت لايزيد عن مائتي سنه.
وللعلم يا صديقي حمود وتعقيبا على قولك اني وصفت عبهله العنسي بالمرتد فلم أصفه بالمرتد بل طالبت بإعادة النظر في الكتابة عن عبهله العنسي وكذلك من اتى من بعده على ابن الفضل خصوصا ومن كتب عنهما كانوا الخصوم وأكدت انه يجب إعادة النظر في ما كتبه الخصوم ….وقد استغربت ياخي حمود حشوك للعفافيش والدراويش والزنابيل والقناديل فلم تكن موفقا في ذلك الحشو الذي ليس مكانه.
اخي الكريم الدكتور حمود لاشك ان كتابتك الأولى والثانية عن كتابي كان هدفها هو الاثراء والوصول إلى حقيقة التاريخ اليمني وما انا وانت الا مجتهدين والكمال لله وحده ولاتفسد تلك الكلمات والعبارات (الثقيلة) التي وردت في كتابتك للود والاخوة بيني وبينك أبدا وفوق كل ذي علم عليم.
اخيرا اشكر مركز منارات وكذلك منتدى الصديق القاضي علي الحبيشي على إقامتهما ندوتين عن كتابي الكافي والشكر لمن حضرهما من الاكادميين والمهتمين بالتاريخ الذين اثرو مضمون الكتاب بالنقاش المفيد.
١١-٢-٢٠٢٥