على مدار يومين، غطيتُ للقناة الرابعة السويدية تفاصيل الهجوم المسلح الذي وقع في مدرسة ريسبيرسكا بمدينة أوريبرو، والذي أسفر عن مقتل 10 أشخاص ( 7 نساء و 3 رجال ) وإصابة العشرات. المهاجم، ريكارد أنديرشون، البالغ من العمر 35 عامًا، كان عاطلا عن العمل ويحمل تراخيص لأربعة أسلحة نارية، عُثر على ثلاثة منها في موقع الحادث. بعد تنفيذ الهجوم انتحر أنديرشون في مكان الجريمة.
لم تكن هذه التغطية مجرد عمل صحفي، بل كانت تجربة شخصية مؤلمة، حيث وقعت المجزرة في نفس المدرسة التي تعلمت فيها اللغة السويدية قبل سنوات، المكان الذي كان بالنسبة لي نقطة البداية في السويد، فتحول فجأة إلى مسرح لمجزرة دامية.
– فر من الموت إلى الموت-
من بين ضحايا مجزرة المدرسة، كان سليم إسكيف، اللاجئ السوري البالغ من العمر 28 عامًا، والذي قُتل أثناء الهجوم. فر من الحرب في سوريا والتحق بالمدرسة لدراسة التمريض، سليم كان يخطط للزواج بخطيبته كارين إليا في 25 يوليو المقبل.
عندما بدأ إطلاق النار، أصيب سليم برصاصة وكان لا يزال على قيد الحياة، فاتصل بخطيبته كارين عبر فيس تايم وهو ينزف وممدد على الأرض وطلب منها ان تعتني بنفسها وبوالدته، ثم انقطع الاتصال. نزف سليم حتى فارق الحياة.
– صرخة عنصرية اثناء إطلاق النار –
كشفت تحليلات صوتية استخرجت من مقطع فيديو لأحد الشهود العيان، أن المهاجم صرخ “يجب أن تغادروا أوروبا!” اثناء إطلاقه النار. هذا التصريح، يثير تساؤلات حول الدوافع المحتملة للجريمة، خاصة أن المدرسة تضم برامج تعليم الكبار، بما في ذلك دورات تعلم اللغة السويدية للمهاجرين. هذه الجملة تعزز المخاوف من أن الجريمة قد تكون ذات بعد عنصري.
– تساؤلات حول الأمن وتصاعد العنف –
أثار هذا الهجوم، الذي يُعد الأكثر دموية في تاريخ السويد، جدلًا واسعًا حول تصاعد العنف المسلح وخطاب الكراهية في البلاد. لم تصدر السلطات بعد بيانًا رسميًا حول الدوافع النهائية للهجوم، لكن وجود تصريحات عنصرية في موقع الجريمة يزيد من المخاوف بشأن مستقبل التعايش الاجتماعي في السويد.
بالنسبة لي، هذه التغطية كانت أكثر من مجرد عمل صحفي، كانت مواجهة مباشرة مع الألم والفقدان، في مكان كنت أعتبره جزءًا من رحلتي في هذا البلد. السويد التي كانت يومًا ملاذًا آمنًا للباحثين عن حياة جديدة، باتت اليوم تواجه تحديات أمنية غير مسبوقة.
ومع استمرار التحقيقات، يبقى السؤال مفتوحًا: هل كان هذا الهجوم مجرد عمل فردي، أم جزءًا من موجة أوسع من العنف الموجه ضد المهاجرين في السويد؟