منبر حر لكل اليمنيين

نصيحة أخوية للحكومة الشرعية للظفر بالوطن

مصطفى المخلافي

49

على الشرعية أن تقدر حجم مسؤوليتها ومصالح الجمهورية اليمنية بميزان من ذهب، وأن يكون شعار صناع قرارها الخارجي أقوياء بدون ضعف، وعلى التحالف العربي أن يخرج من قلقهِ التاريخي المزمن، فلن يُبعث الإمام علي حاملاً سيفه من اليمن بإتجاه عمق الجزيرة العربية، وعلى الجميع أن يتخلصوا من تلك المشاهد الحديثة لليمن، التي صورتهُ في لحظة ما وكأنه مليء بالعنف والقتل، حيث يتخيل المواطن العربي أن مع أحداث اليمن ستستمر الكوارث إلى مالا نهاية.

وليس بإمكان فارس الظل الهزيل أن يصل الى العاصمة المقدسة صنعاء بسيفهِ الخشبي وخوذتهِ البالية وخيلهِ المريض، ليُعيد لليمن أمجاد فارسها النبيل الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح رحمة الله تغشاه، خاصة وأنه لم يعد هنالكَ من ثقة لدى المواطن اليمني بأي مسؤول، ليصدق المعارك الوهمية والبطولات الزائفة والتصريحات الرنانة التي غالباً ما تحاكي الواقع.

حتى اللحظة لم تدر الدبلوماسية اليمنية للحكومة الشرعية رقعة الشطرنج بدهاء كبير، ولم يُمسك صناع قرار السياسة الخارجية للشرعية بخيوط الصراع عبر رسم مساحات اللعب المتاح، ولذا ما تناسل من صراع بين الجمهورية وميليشيا الحوثي لم يكن الأول من نوعه، فقد سبقه صراعات عديدة، ومن المفترض أن تكون الشرعية ملمة بكل ذلك، وأن تكون متمكنه من التعامل مع هذا الصراع وفق سرديات الصراع الماضي، لكن السياق وحدهُ ما يعطي معنى للأشياء، إذ أن أزمة اليوم تبدو مفتوحة على كافة الأصعدة، وإن جرت وفق معادلات متحكم في مُركباتها وإسقاطاتها.

لم تكن الشرعية تقدر حجم الضرر الناتج عن عبث ميليشيا الحوثي الإرهابية بمقدرات الدولة ومصالح المواطنين، وهذا يعني أن مؤسسات الشرعية مخترقة أو ربما هشة للحد الذي يجعلها تتيقن بأن النصر سيكون على هيئة مفاوضات أو مبعوث يأتي إليهم بغراب أبيض مكتوب على جناحيه أدخلوا صنعاء آمنين، ربما جرت العادة دائماً بأن الاستضافة بهذا الشكل الرخيص جعلت المسؤولين في مرمى سهام النقد اللاذع دائماً، خاصة وأن الجميع كان سقف توقعاته بهم كبيره جداً، وللحظة شعروا بأنهم لم يكونوا يوماً على صواب في توقعاتهم التي سرعان ما تحولت لجاثوم يجلس على أمنياتهم.

وعلينا أن نفهم قرار تصنيف الإدارة الأمريكية لميليشيا الحوثي جماعة إرهابية، وهذا يعني أن المجتمع الدولي والشرعية أصبحوا شريكان مهمان في محاربة الإرهاب الحوثي في اليمن، وعليه يجب على الشرعية أن تتحرك في هذا الإتجاه وفق التوصيف الأمريكي، وأن تعمل بذكاء في نقل الأزمة إلى الداخل الحوثي، ولا تدع مجالاً للميليشيا بإستغلال عامل الوقت لكسب ود وتعاطف شريحة واسعة من اليمنيين معها، خاصة وأننا نعلم بأن الميليشيا دائماً ما تلجأ إلى كسب تعاطف داخلي مع كل موقف خارجي يردعها ويحد من خطرها محلياً وإقليمياً ودولياً.

أخيراً… على الشرعية أن تقدر حجم مسؤوليتها الوطنية خارج كل الأوهام، وتدرك من حقه الدفاع عن مصالحه، وتطالب دوماً بالندية والتشارك، لكن عليها أولاً أن تُحسن إتقان الوسائل المؤدية إلى خدمة هذه المصالح، علماً أن هذا هو السبيل الوحيد ليزيل عنا اليمنيين صورة الجار المقلق غير المؤتمن الذي يمكن أن تأتي منه كل الشرور، وعليها أيضاً أن تعي حجم التحول الاستراتيجي الذي سيجعل دول في المنطقة الطريق البديل لليمن وأعني هنا المصالح التجارية المشتركة بين اليمن ودول العالم.

 

تعليقات