عن لقاء الأخ أحمد علي عبدالله صالح الذي تجسدت فيه شخصية الشهيد الزعيم صالح
مصطفى المخلافي
غالباً ما يرث المرء من أبيه صفات مشابهه، صفات نادرة كالقوة والشجاعة والكرم، لكن من الصعب أن يتجسد شخص بذات الكمال المُطلق لأبيه، ربما لأن الأمر قد يبدو صعباً قليلاً، لكن ما شاهدتهُ اليوم كان تجسيداً خالصاً لشخصية الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح، وكأن الشهيد صالح كان ماثلاً أمامي، وكأن الزعيم صالح صادفنا في ذلك اليوم بكاريزميتهِ وروحهِ وعقلهِ وحضوره.
كان يتوسطنا ولا شيء يشغلني عنهُ سوى صورة الشهيد الزعيم علي عبدالله صالح التي تجسدت فيه شكلاً ومضموناً، شعرتُ لوهله كأن الله أختزل حكايات وأحاديث صالح في تلك اللحظة، إرث تاريخي تجسد أمامي، ٣٣ عام مرت أمامي كشريط يُعيد كبريائهُ من جديد، لا أريدهُ أن يتوقف عن الحديث صوت بداخلي كان يصرخ، هذا الزعيم صالح، كان حضوره امتداداً لحضور الرئيس صالح، صلباً يهزمُ الصعاب، وبرغم الضربات الغادرة التي سقطت عليه دون مقدمات، كان قوياً متحدياً وكأنهُ ولدَ من صُلب الحديد، شخصيتهُ تجذبك وتشدك بلا أي مقاومة، تُجبركَ على أن تسير بعدهُ وعيناكَ تراقب فقط، لم يتحدث سوى لدقائق معدودة، لكنهُ جعلنا نرى والدهُ حياً بيننا كما لو أنه لم يمت، ركضنا جميعنا بفكرنا نحوه كالمجذوبين، لا فكاك منه وصالح بيننا، أصوات أفكارنا كانت ترن في قلوبنا، كيف لمثل هذا القائد حُرمنا من لقائهِ كل هذه المدة، لا جغرافيا محددة لليمن في تركيبتهِ، كل اليمن حضرت في حضورهِ وشخصيته، جعلنا جميعنا نحتفظ بهدوئنا، منحنا نافذة كبيرة شاهدنا من خلالها كل اليمن، والأهم من ذلك أنهُ منحنا قوة تحمينا من العواصف.
لم يكن الأخ أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، مجرد نجل للرئيس الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، بقدر ما كان صالح شخصياً، توقفنا معه للحظات، لنسافر بمخيلتنا إلى ما هو أبعد، عُدنا معهُ لعهد صالح الشهيد الذي لطالما تميز عن غيره بذلك الحضور المنفرد عن العالم كله، وفي لحظة بهجة خطف منا واقعنا لنعيش معه دقائق قليلة من لحظات ومحطات صالحية بامتياز، هكذا بدأنا معه وانتهينا، ولعُمري أنها كانت أهم دقائق في حياتنا التي وهبناها له ولوالدهُ من قبله.
حضرت اليمن كلها إليه، مشهد يُجبركَ على أن تقول هذا الرئيس صالح، هو صالح بذاتهِ وشكلهِ وشخصيتهِ وحضوره، كان حضور مُهيب بل حشود غفيره أعادت لنا للأذهان محطات من مشاهد الشهيد صالح وهو ملتحفاً بمحبيه ومناصريه، كان مشهد كفيل بأن يقول بُعث المخلص والمنقذ والحاضر والمستقبل، أرتص الناس حولهُ كالكلمات، كقصيدة حياة، كقافية تفرض عليك إنهاء البيت بكبرياء تعجز عن شرحه.
قبل أن يبدأ الحديث معنا، كنت أحدث نفسي، كيف نرثي صالح ونبكيه مادام صالح بيننا؟ كل ما حدث للشهيد صالح رأيناه في الأخ أحمد علي عبدالله صالح، وحين تحدث معنا كان حديثهُ حديث صالح، حتى في مشيتهِ ووقفتهُ وشموخهِ وهيبتهِ كان صالح أكثر من كونهِ أحمد، ولعل رسالة الشهيد صالح وصلتنا، حين قال يوماً تركتُ لكم إرث ورجال، فكان نعم الإرث ونعم الرجال.
ولذلك أود أن أقول بأن الأخ القائد أحمد علي عبدالله صالح نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام، لم يكن يوماً جسداً بل إرثاً عفاشياً من هوية وبلاد، وبأنه ليس مجرد قائد فقط، بل فكرة نبض ووصية تركها لنا الشهيد البطل الزعيم علي عبدالله صالح للخروج من هذا المأزق.