في رسالته التي وجهها أحمد علي عبدالله صالح لقيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام وقواعده بمناسبة الذكرى السابعة لانتفاضة الثاني من ديسمبر وجه دعوة لليمنيين بمختلف مشاربهم السياسية والأيديولوجية داعيا إياهم إلى الحوار والمصالحة وإصلاح ما يمكن إصلاحه، بعيدا عن آلام الجروح، وهو في هذه الدعوة يوضح استعداده لتجاوز الأحقاد الشخصية التي نتجت عن أزمة ٢٠١١ وما تلاها .
ربما يكون أحمد علي الأكثر حظا في هذه الأزمة، فهو لم يتورط في الدماء التي أريقت منذ ٢٠١١ وحتى يومنا هذا ومازال سجله نظيفا وقد ساعدته العقوبات المفروضة عليه في إبعاده عن التجاذبات في أهم المراحل دموية وانقساما، وتأتي دعوته للمصالحة في مرحلة عصيبة، يلوح في الأفق إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية وهو يرى أن الأولى، أن يعيد اليمنيون ترتيب تحالفاتهم الداخلية، كي لا تؤثر عليهم التحالفات الخارجية .
وأهم ما جاء في دعوته هو حرصه على الذهاب نحو المستقبل وطي صفحة الماضي قائلا، نمد اليد للجميع للعمل معا من أجل تحقيق الاصطفاف الوطني بهدف استعادة الدولة وبناء جيش وطني وأن نتعالى على الخلافات، وأشار إلى المليشيات بشكل واضح وصريح، معتبرا إياها أنها تأتي على حساب الدولة وعلى حساب الأمن والاستقرار وأنها لا تخدم سوى الجهات التي أوجدتها .
يرى أن الحل الوحيد لإنقاذ اليمن هو استعادة الدولة والسيادة الوطنية داخليا وخارجيا وأن بناء اليمن يتطلب أن يتحدث الجميع بصدق وأن يعترفوا بأخطائهم ويتوقفون عن النظر إلى الخارج إلا فيما يخدم اليمن واليمنيين، وهنا لابد من المصالحة، لأنه من غير المعقول أن يعيش اليمنيون لفترة طويلة في حالة حرب عبثية ومن المستحيل على الأطراف المتصارعة أن تعيش منفصلة كل وفقا لنظامه وقواعده .
تأتي دعوة أحمد علي إلى المصالحة في مرحلة لم يعد هناك خيار سواها، خاصة وأن الشرعية أصبحت مجمدة في وجه التطورات السياسية، أصبحت صيغة جامدة وضعيفة تجاه المجتمع وفاقدة لقرارها أمام التأثيرات الخارجية، وليس أمام القوى السياسية سوى التفاوض على مخرج مشرف والذهاب نحو واقع شرعي ضمن النظام السياسي، وستبقى هذه الدعوة برغم أهميتها، فاقدة لتأثيرها مالم تقدم على هيئة مشروع وطني بأركانه الثلاثة: إصلاح الدولة ومؤسساتها والمصالحة المجتمعية وتحقيق السيادة وهذا الأمر يتطلب تشكيل لجنة مصالحة لصياغة هذا المشروع وإشراك المجتمع في نقاشه.