يشكل التلوث البيئي خطراً محدقاً على المواطنين في ظل عدم اتخاذ الجهات المعنية التدابير اللازمة، يمثّل سكان مدينة عدن (جنوبي اليمن) عدداً كبيراً من بين ضحايا هذا التلوث.
شكا سكان حي سكني في عدن من انتشار الأوبئة نتيجة طفح مياه الصرف الصحي، وسط مخاوف متزايدة من تفاقم الوضع الصحي.
وأوضح سكان عمارات الخضر بمدينة التقنية في مديرية المنصورة أن مياه الصرف الصحي شكلت مستنقعات راكدة، مما أسفر عن تصاعد المخاطر الصحية بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة. وناشدوا مدير عام المديرية، أحمد الداؤودي، التدخل العاجل لحل المشكلة.
وأشار السكان إلى أن هذه المستنقعات أصبحت بيئة مثالية لتكاثر البعوض الناقل للأمراض، إلى جانب انبعاث روائح كريهة أضرت بجودة الحياة في الحي، ما أدى إلى تفشي الأمراض، خاصة بين الأطفال، فضلاً عن عرقلة حركة السكان داخل الحي.
وأكدوا أنهم تواصلوا مع الجهات المعنية مراراً، إلا أن جهودهم لم تُثمر أي حلول جذرية لهذه المشكلة البيئية والصحية التي تفاقم معاناتهم اليومية.
تأتي هذه المناشدة في ظل تزايد الدعوات من المواطنين لإيجاد حلول عاجلة للبنية التحتية في المنطقة، وسط التحديات البيئية والصحية المستمرة التي تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان.
مشكلات بيئية
في السياق، أكدت مصادر طبية لوكالة “خبر” أن مياه الصرف الصحي غير المعالجة من أخطر المشكلات البيئية التي تسهم في انتشار الأوبئة، حيث توفر بيئة مناسبة لتكاثر الكائنات الحاملة للأمراض، مثل البعوض والذباب، بالإضافة إلى تفشي أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك، والإصابة بالأمراض الجلدية والتنفسية.
كما أن المياه الراكدة الناتجة عن الطفح قد تلوث المياه الجوفية ومصادر الشرب، مما يزيد من خطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا والتيفوئيد، وفقاً للمصادر.
واشارت إلى أن الروائح الكريهة الناتجة عن تلك المستنقعات تؤثر سلباً على جودة الهواء وتُسبب مشكلات صحية للسكان، خصوصاً الأطفال وكبار السن.
إضافة إلى تأثير طفح مياه الصرف الصحي على الصحة العامة في عدن، تُظهر الإحصائيات أن هناك زيادة مقلقة في انتشار الأوبئة المرتبطة بتلوث المياه.
وذكرت منظمة الهجرة الدولية، أواخر يونيو الماضي انه تم تسجيل أكثر من 5300 حالة إسهال مائي حاد وحالات كوليرا مشتبه بها بين أوساط أفارقة مهاجرين في عدد من نقاط الفحص بالمناطق الساحلية وعدن بين أكتوبر 2023 ومايو 2024، أغلبها ذات صلة بالتلوث المياه.
وتشير التقارير إلى أن هذه الحالات ارتبطت مباشرة بمياه الشرب الملوثة وسوء إدارة شبكات الصرف الصحي، مما جعل المدينة من أكثر المناطق تأثرًا بالكوليرا في اليمن.
كما أن المستنقعات الناتجة عن طفح المجاري في أحياء مثل الشيخ عثمان والمنصورة أصبحت مصدرًا رئيسيًا لتكاثر البعوض، مما أدى إلى انتشار أمراض مثل الملاريا وحمى الضنك بشكل ملحوظ خلال العام الجاري.
في سياق متصل، أكد تقرير أممي نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أنه في الفترة بين بداية مارس/ آذار ونهاية سبتمبر/ أيلول من العام 2024، أُبلغ عن 204 آلاف حالة مشتبه بها بالكوليرا و710 حالات وفاة في عموم البلاد.
وذكرت المصادر الطبية أن هذه الأرقام تؤكد أهمية التدخل السريع لمعالجة البنية التحتية لمنع تفاقم الأوضاع الصحية في عدن وبقية المناطق اليمنية.