فمنذ ما يقارب من عقد ونصف من الزمان ، وأمواج الصراع تتلاطم فيها ، والمؤامرات تحاك وتتداول عليها ، والخراب ، والدمار يستهدف مؤسساتها ومنجزاتها ، والعبث ، والفساد ، والانفلات يسيطر على أرجائها ، والدماء تغرق أراضيها ، وتغطي أسوارها ، والعذاب ، والهلاك يعصف بها من داخلها ، ويتضاعف من خارجها ، فتارة يتآمر عليها أبناؤها ، وتارة تأتي المؤامرات المحلية والدولية من خارجها.
من هنا من جبل صبر تُشاهد المدينة مقسمة ومفصولة عن باقي مناطقها الشرقية والشمالية والغربية بسور عازل يبدو في ظاهره حقول من الأشجار والخضرة ، وفي حقيقته حقول من المتفجرات والألغام تشرف عليها مواقع القنص والإجرام ، وخلفها تتمترس مليشيات الموت والعذاب الحوثية التي تحاصر المدينة ، وتتربص بها منذ هزيمتها وتحرير المناطق التي كانت تحت سيطرتها ، وفي مقدمتها جبل صبر ، الذي رفض حياة العبودية ، والاستبداد ، و أبى إلا أن يكون حراً مع النظام والجمهورية.
سنوات مريرة عاشتها مدينة تعز وعانى منها سكانها الذين ضحوا بعشرات الآلف من أبنائهم ، وحموا مدينتهم ، وطهروها من دنس العصابات العنصرية والطائفية ، وتذوقوا طعم النصر والحرية التي امتزجت بالأوجاع ، والحصار ، والكوارث الإنسانية والمعيشية.
إن أبناء مدينة تعز الذين نسجوا من الألم كرامه يواجهون اليوم فساد وغباء قيادات السلطة المحلية والنخب السياسية ، وهمجية وإجرام مليشيات الحوثي أعداء الحياة والحرية والانسانية ، وانحراف تجار الحروب وعملاء الدول الخارجية الذين يُكدرون حياتهم ، ويضاعفون معاناتهم ، ويتاجرون بأمنهم ، واستقرارهم ، وقضية مدينتهم الحالمة مدينة الحرية ، والنصر ، والسلام المنسية ، ومدينة الأوجاع ، والألم ، والمعاناة الحصرية.