يستدل سبينوزا على فساد الحكم الديني (الثيوقراطي) بأمثلة كثيرة من تاريخ العبرانيين في المرات التي تجاوز فيها الأحبار سلطتهم الدينية المخصوصة وبدأوا التدخل في شؤون الدولة والهيمنة عليها.
وفي تأكيده على طاعة وانضباط رجال الدين بسلطان الدولة، يحيل سبينوزا إلى كلام لـ سليمان في سفر الأمثال: “يا بني اخشَ الرب والملك لا تخالط المتقلبين”.
وبعد تأمله في تجارب العبرانيين، يخلص سبينوزا إلى عدة نقاط منها أن “من الخطورة على الدين وعلى الدولة على السواء اعطاء من يقومون بشئون الدين الحق في اصدار القرارات، أيا كانت، أو التدخل في شئون الدولة.
وعلى العكس يكون الاستقرار أعظم اذا اقتصروا على الاجابة على الأسئلة المقدمة إليهم (الفتوى)”.
وأن “من الضروري الاعتراف للسلطة العليا بالحق في تقرير ما هو شرعي وما هو غير شرعي، وذلك تحقيقا لمصلحة الدين والدولة على السواء.
ذلك لأن هذا الحق -حق تقرير الأفعال- عندما مُنح قديماً لأنبياء الله، أدى إلى إلحاق ضرر كبير بالدين والدولة على السواء”.
وإضافة إلى ما سبق،
فإن نظام الحكم التيوقراطي (الديني) لا يلائم “إلَّا شعبًا معزولًا يُريد أن يعيش دون علاقاتٍ مع الخارج مُغلقًا على نفسه داخل حدوده، ومُنفصِلًا تمامًا عن باقي العالم، لا شعبًا يدخُل بالضرورة في علاقاتٍ مع الشعوب الأخرى”.
ويذهب سبينوزا في الفصل التاسع عشر من كتابه “رسالة في اللاهوت والسياسة”، إلى أن السلطة الحاكمة هي وحدها صاحبة الحق في تنظيم الشؤون الدينية،
وأن الطاعة الحقيقية لله تحض على الاتفاق بين ممارسة العبادات الدينية الظاهرة وبين سلامة الدولة ومصلحتها،
وذلك لأن “الدين لا تكون له قوة القانون الا بإرادة من لهم الحق في الحكم، فليس هناك حكم خاص يمارسه الله على البشر ويتميز عن ذلك الذي تمارسه السلطة السياسية”.
أما العبادة الباطنة لله، أي الوسائل التي تستطيع بها الروح الانسانية تعظيم الله من أعماقها الباطنة بإخلاص كامل؛ فهي تتعلق بحق الفرد الذي لا يمكن تفويضه لأحد سواه
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
Prev Post
تعليقات