الزميل العزيز أحمد عبد العزيز العامري، رحمه الله من مواليد محافظة تعز مطلع الثمانينات حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة بجامعة الحديدة، أحد أبرز فنيي المونتاج في دائرة التوجيه المعنوي وقناة اليمن اليوم.
كان ودودًا خلوقًا مُخلصًا لعمله، علاقته طيبة مع جميع الزملاء، لم يحدث بينه وبين أحدهم أي مشكلة، وإن حصل في النادر سوء فهم بسيط بسبب ضغط العمل، دائمًا ما يُبادر للاعتذار.
منذ انطلاق قناة اليمن اليوم في العاصمة صنعاء عام 2012 ارتبطنا بزملائنا الأعزاء بعلاقات وثيقة قائمة على المحبة والتقدير والاحترام والثقة المتبادلة، وكان أحمد العامري أحد أبرز هؤلاء المُحبين لعملهم المُتفانين في أدائه والمُخلصين له، حيث كنت اعتمد كثيرًا عليه رحمه الله في مونتاج مُعظم التقارير التي أقوم بكتابتها، فقد كان حصيفًا دقيقًا مُلمًا بالجوانب السياسية ويعرف كيف ينتقي الصورة التي تتناسب مع كل كلمة في التقرير أو الفيلم الوثائقي، مع التقدير والاحترام لبقية الزملاء في المونتاج الذين لا يقلّون كفاءةً عنه، لكنه أكثرهم خبرة، إلى جانب أنه أحد مُنتسبي التوجيه المعنوي التي تُعتبر مدرسة في الإعلام.
عُرف بحرصه على عمله، حيث لا يترك أي مادة أمامه إلاّ بعد الانتهاء منها والتأكد بأنها جاهزة للبث، وذات يوم في صنعاء نهاية عام 2012، كان زميلنا العزيز يقوم بمونتاج تقرير مهم، فتم إبلاغه أن أحد أقاربه أُسعف بصورة عاجلة إلى المستشفى، فنسي ضغطة زر واحدة لإنهاء التقرير، فتم بثه في النشرة، وبسبب هذا الخلل التقني ظهر التقرير على الهواء بصورة غير جيدة، فجاءت توجيهات من الإدارة حينها باتخاذ إجراءات صارمة بحق من تسبب في ذلك، ولأنّي أعرف صدق أحمد وتفانيه وإخلاصه في عمله، تعهدت بأن أتحمّل المسؤولية الكاملة عن ذلك الخطأ غير المقصود.
قبل أربع سنوات أصيب زميلنا العزيز بنزيف في الدماغ، تم إسعافه إلى مستشفى القصر العيني في القاهرة، وتكفل السفير أحمد علي عبدالله صالح بعلاجه كاملاً داخل المستشفى وبعد الخروج منه، حتى شُفي تمامًا وعاد للعمل، ولأن معدنه أصيل، كان ممن يحفظ الجميل ويعتبر أي خدمة تُقدم له مهما كانت محدوديتها، دَينًا عليه، فدائمًا ما كان يبعث لي برسائل الشكر والثناء، رغم أن دوري اقتصر على المتابعة فقط.
ومن ملامح الوفاء التي تُميز بها الزميل أحمد، حديثه الدائم عن الحديدة ومحبته لها وذكرياته الجميلة فيها كونه تربى وترعرع ودرس هناك، وكذلك عن طيبة أهلها وحُسن عشرتهم.
حزينون وموجوعون كثيرًا لفراقك زميلنا العزيز وأنت في مُقتبل العمر وقمة العطاء، لكنها أقدار الله التي لا راد لها، والأكثر إيلامًا أن تمرض فجأةً وتغادر الحياة دون وداع، وأن يُوارى جسدك الطاهر الثرى وأنا بعيدٌ عنك، لكن عزاءنا الوحيد أنك كنت قريبًا من الله سبحانه وتعالى مؤديًا فرائضه ومُجتنبًا لنواهيه، وأنك قد تركت في وجداننا ذكرياتٍ جميلةً لن تُمحى ورصيدًا كبيرًا من المحبة والاحترام، إلى جانب رصيدك المهني – تقارير وأفلام وثائقية وأناشيد وطنية- وغيرها.
تغمدك الله بواسع رحمته وعظيم مغفرته زميلنا الغالي وأسكنك فسيح جناته، وعصم قلوب أهلك وزملائك ومحبيك بالصبر، وأسأله تعالى أن يجمعنا بك في جنات النعيم.