مهم التفريق الذي نقرأه عند العروي بين المعتزلة كمدرسة ومذهب والمعتزلة كمنهج قوامه “الجدل والتمييز والنظر والاستنباط والتفريق بين علم السمع وعلم العقل”.
المنهج بهذا المعنى مشاع بين الجميع.
وإن كان المعتزلة طليعة مستعمليه، فقد حدث ذلك بحكم التطور التاريخي في النطاق الإسلامي، وكان لا بد له أن يحدث.
ثم أصبح من الممكن محاورة ونقد بل ونقض كلام المعتزلة بالمنهج ذاته على نحو ما فعل الأشعري عقب انفصاله عنهم على سبيل المثال لا الحصر.
أضعف مقالات المعتزلة هي تلك المتعلقة بالسياسة والاجتماع.
والحجج الأخلاقية المجردة التي ساقوها مثلاً في إدانة وذم الخلافة الأموية من السهل انتاج ضعفها في إدانة وذم جميع الدول التي جاءت بعدها.
وما امتدحه الجاحظ مثلاً في بني هاشم وما نسبه لهم من مناقب وخصال وآثار، تقرباً منه إلى العباسيين أرباب نعمته، كان بوسعه أن يقول ضعفه في بني أمية لو عاش في زمن بني أمية.
القاسم المشترك الأهم بين المعتزلة والخوارج والشيعة هو الموقف المناوئ لبني أمية، مع اختلافهم في الموقف من الصحابة.
حاول متكلمو المعتزلة التزام الحياد في تناولهم لطرفي الفتنة، لكنه حياد يصب دوماً في مصلحة فريق علي وشيعته.
الاعتزال إجمالاً هو موقف عقلي مفارق للوقائع، أي مفارق للتاريخ، متحرر من إلزامات تحويل القول إلى عمل.
وكم كان محمد عابد الجابري محقاً في القول بأن ظهور المعتزلة في التاربخ الإسلامي إنما يتعلق “بالارتفاع بـ الموقف من مستوى الفعل السياسي إلى مستوى النظر والتفكير.
وتاريخ علم الكلام منظور إليه من زاوية تطور بنائه الداخلي هو في الحقيقة والواقع تاريخ تطور التفكير النظري في الإسلام”.
من يغفل هذه النقطة يقع في الخطأ عند النظر في أمر المعتزلة.
- من صفحته في فيس بوك.