منبر حر لكل اليمنيين

لمعرفة جوهر المشكلة اليمنية ينبغي قراءة هذا المقال بعناية وإعادة نشره

عبد الناصر المودع

38

عبدالناصر المودع: كيف يلتقي الحوثي واليسار القروي والانفصاليين على حوثنة الزيود الجمهوريين؟
أشرت في مقالة سابقة أن أهم منجز لثورة سبتمبر تمثل في جمهرة الزيود القحطانيين. وكما هو معروف فقد هيمن هؤلاء على حكم اليمن الشمالي السابق من بعد الثورة، وعلى اليمن ككل من بعد حرب 94. واستمرت هيمنتهم حتى تم تسليم الحوثيين صنعاء في 2014 من قبل خصوم الزيود الجمهوريين بغرض احتوائهم وتدجينهم.
وخصوم الزيود الجمهوريين الذي ذكرناهم، هم طيف واسع من القوى، أهمهم: القوى اليسارية ذات الطابع المناطقي، والانفصاليين، والمناطقيين بما فيهم بعض أجنحة حزب الإصلاح. إضافة إلى الكثير من المنتمين لما يسمى منظمات المجتمع المدني المدعومة من “الخواجات”.
والسؤال الوجيه الذي سيبرز عن ما ذكرنا؛ ما هو السبب الذي جعل كل تلك الأطراف تتحالف فعليا أو ضمنيا مع الحوثيين، مع أنهم يختلفون معهم مناطقيا وفكريا؟ والجواب بكل بساطة وجود خصم مشترك لهم جميع، وهم الزيود الجمهوريين القحطانيين.
والأمر الأهم في ذلك التحالف، استمراره، على نحو ضمني، منذ بداية الحرب في مارس 2015 وحتى الآن. والهدف من ذلك التحالف، تفكيك اليمن إلى دولتين أو دويلات تحت مسمى الأقاليم.
فخطة التفكيك تتطلب أن يُصبح الزيود الجمهوريين، حوثيين، بحيث تصبح منطقتهم إقليما مغايرا من الناحية المذهبية عن بقية مناطق اليمن. وفي حال حدوث ذلك، يصبح تفكيك الدولة اليمنية، على شكل دولتين أو دويلات، مبررا داخليا ومدعوما خارجيا.
ففي الداخل، نجد أن الانفصاليين يبررون الانفصال، بحجة حكم الحوثي معظم مناطق المحافظات الشمالية. وهناك عبارة طالما يرددها الانفصاليون مفاداها: أن من المستحيل استمرار الوحدة طالما أستمر الحوثي حاكما للشمال. وكلنا نعرف بأن الانفصاليين كانوا حلفاء فعليين مع الحوثي قبل سيطرته على صنعاء، فيما تحولوا إلى حلفاء ضمنيين مع الحوثي، من بعد خروجه من معظم المحافظات الجنوبية، حيث عملوا ويعملوا بشكل سري على تأبيد حكم الحوثي للشمال ليستمر ذلك المبرر، ويستمر الدعم الخارجي لمشروعهم.
وما ينطبق على الانفصاليين ينطبق على المناطقيين (دعاة تقسيم اليمن إلى دويلات تحت مسمى “الدولة الاتحادية”)، فهؤلاء، وإن كان خطابهم ليس بوضوح خطاب الانفصاليين، عملوا ويعملوا على أن يبقى الحوثي مسيطرا على “الهضبة” (المنطقة الزيدية). لتصبح فكرة “الدولة الاتحادية” خيارا وحيدا لبقاء الدولة اليمنية. والحجة التي تبدوا منطقية للكثيرين، وخاصة في مناطقهم وفي الخارج، صعوبة بقاء اليمن دولة مركزية طالما أستمر الحوثي مسيطرا على “الهضبة”.
وبالنسبة للقوى الأجنبية التي تسعى لتقسيم اليمن فإنها هي الأخرى، عملت، وتعمل خفية على حوثنة المنطقة الزيدية، لأن هذه الحوثنة تمنحها الحق في التدخل في شئون اليمن، وتقسيمه، بحجة محاربة النفوذ الإيراني عبر وكيله الحوثي.
واستنادا إلى ما ذكرنا، نجد أن منهم، في الظاهر أعداء للحوثي، يلتقون معه في هدف مشترك، وهو تحويل الزيود الجمهوريين إلى حوثيين. وقد يبدو ما ذكرنا استنتاجا غريبا ومتعارضا مع السرديات الرائجة، والتي أصبح جميع اليمنيين، تقريبا، يعتبرونها حقائق ثابتة، بعد أن قامت كل الأطراف الداخلية والخارجية بنشرها، وترديدها.
ولكون هذا الاستنتاج على هذا القدر من الغرابة لدى الغالبية العظمى من اليمنيين، والمهتمين بالشأن اليمني، فإن شرح وإيضاح حيثياته تحتاج إلى كتابات كثيرة سأنشرها قريبا.

تعليقات