لما لا أُعاينُ …
شعر/محمد الغيثي
كما كان في الماضي
كما هو كائنُ
أشفُّ خبايا النفسِ
ما لا تعاينُ
أقلُّ جنونٍ فيَّ
في الفكرِ حيرتي
وأكثرُ من عقلي
الأسى والضغائنُ
وأبحثُ عن نفسي !
وهل لو وجدتها
رأيتُ بها نفسي ؟
بماذا أُراهنُ
أنا للمُنى كافٍ
أنا ربُ وحدتي
أنا قدرَ هذا التيهِ
كلي قرائنُ
على أن أحزاني
على أن غُربتي
على أن أوطاني
أنا فيَّ قاطنُ
أنا آخرُ الأسماءِ
في قبةِ المدى
خنقتُ صدى صوتي
وما قلتُ آمنوا
وغادرتُ أنفاسي
لأسمو مع الرؤى
متى لا أرى شيئاً
هناكَ الدفائنُ
هناكَ انتهى روعي
هنا الروحُ أجهشتْ
وبوركتَ يا دمعي
غزيرٌ وطاعنُ
ولو أنني أبكي
أنا غيرُ آبهٍ
ضبابٌ على الإحساسِ
والكونُ داكنُ
فلا الشعرُ إبهارُ
ولا الشعرُ حكمةٌ
ولكنهُ حسمٌ سريعٌ وفاتنُ
دقيقٌ ورسميٌّ كإمضاءِ حاكمٍ
وخلف سطور النصِّ
شعبٌ مواطنُ
وبيني وبين القارىءِ الحقِّ
سلطةٌ
أنا الآمر الناهي بها والمُشاحنُ
ولا أكتفي
حسبي من الشعرِ ثورتي
وأن المدى يهوي وكلي توازنُ
وأن دموعي تلكَ آياتُ حسرةٍ
تذكرُ من يدري
كم الدمعُ ساخنُ
سلامٌ على الأصحابِ
من أينَ أقبلتْ
رواحلكمْ ملأى
هل البيدُ آمنُ
هل الريحُ لا تعوي المجازاتِ
والمُدى
عن السيرِ لا تُثني
إذنْ
والكمائنُ ؟
وماذا وراءَ الدربِ
دربٌ ورفقةٌ
ولكنني وحدي لي اليأسُ كامنُ
تفردتُ في الإحساسِ
حتى تفردتْ
عن الجُلِّ مأساتي وزادَ التباينُ
فإن قلتُ لا أدري
أنا شُبهُ مُدركٍ
ولكن ما أدريهِ كالخيطِ واهنُ
ضبابيَ مأساتي
إذا كنتُ في دمي
أجدفُ
لن تأتي لأجلي السفائنُ
ولكنني أرنو إلى الأفقِ
أنتمي
لما بعد أيامي
لما لا أعاينُ .٢٢ أكتوبر ٢٤ م