في ظل احتدام المعارك بين حزب الله وإسرائيل والقلق من الانزلاق إلى حرب مدمرة، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، التزام لبنان بأي وقف فوري لإطلاق النار، مشدداً على استعداد الحكومة لتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، وما يقتضيه من إرسال الجيش اللبناني إلى جنوب نهر الليطاني “ليقوم بمهامه كاملة بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الدولية”.
كما أكد ميقاتي “استعداد لبنان لتعزيز عديد الجيش في الجنوب، إذا تمّ التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل”. وفي مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في 15 أكتوبر، قال “لدينا حالياً 4500 جندي في الجنوب، ومن المفترض أن نزيد العدد بين سبعة آلاف إلى 11 ألفاً”.
إلى جانب الجيش اللبناني، ينتشر حالياً عناصر من حزب الله على الحدود الجنوبية للبنان، مما يهدد أمن شمال إسرائيل، وهو ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى تصعيد عملياته ضد الحزب الذي فتح في الثامن من أكتوبر 2023 الجبهة الجنوبية للبنان “دعماً” لحركة حماس في غزة.
وبينما يعول الغرب، خاصة الولايات المتحدة، على الجيش اللبناني في بسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية بما فيها المعابر والحدود، والحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان، تزداد التساؤلات حول قدرة هذا الجيش على تنفيذ هذه المهمات.
قدرة.. مشروطة
هناك من يشدد على أن الجيش اللبناني قادر في وضعه الحالي، من حيث العتيد والعتاد، على بسط سلطته على كافة الأراضي اللبنانية والمعابر الحدودية، من ضمنهم عضو تكتل “الجمهورية القوية”، النائب غادة أيوب، لكنها توضح أن ذلك يتطلب “قراراً سياسياً داخلياً وتضامناً شعبياً ودعماً دولياً ومالياً، خاصة في ظل تراجع القدرة الشرائية لرواتب العسكريين”.
وتشدد أيوب في حديث لموقع “الحرة” على أنه “في حال لم يحصل الجيش على الضوء الأخضر من الحكومة اللبنانية وكافة الفرقاء السياسيين تطبيقا لأحكام الدستور وللقرارات الدولية كافة، سيعود مشهد عام 2006 إلى الواجهة، حين وافق حزب الله على تطبيق القرار 1701، بل وكان أول المطالبين بإصداره لإنهاء الحرب مع إسرائيل، إلا أنه عقب صدوره في 14 أغسطس 2006، بدأ الحزب بتحصين مواقعه وتعزيز قوته العسكرية، مما حال دون انتشار الجيش اللبناني”.
وهدف القرار 1701 إلى إرساء وقف الأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله التي خاضها الطرفان صيف 2006، وينص على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوات الدولية.
كما ينص القرار 1701، كما يقول النائب السابق، الدكتور فارس سعيد على أن “آلية تنفيذه تعود إلى حكومة لبنان والجيش اللبناني، بينما تقتصر مهمة القوات الدولية على مؤازرة الجيش. وبالتالي، فإن أي تقصير في تنفيذه يحسب على الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني وليس على القوات الدولية”.
ويضيف سعيد في حديث لموقع “الحرة”، “إعتقد الجيش اللبناني أنه لا يمكنه تنفيذ هذا القرار دون إقامة علاقة جيدة مع حزب الله، الذي يتواجد في جنوب الليطاني تحت مسمى الأهالي”، موضحاً أن “الحزب استخدم أهالي البلدات الحدودية لإرسال رسائل اعتراض إلى الجيش اللبناني أو القوات الدولية، على أمور ما أو منشآت”.
ويشير أيضاً إلى أن حزب الله أسس جمعية “أخضر بلا حدود، التي تدّعي أنها تعنى بالشؤون البيئية إلا أن مهمتها الحقيقية تتمثل في رصد كل الحدود اللبنانية مع إسرائيل”، مشدداً على أنه “تحت ستار الأهالي والجمعيات، حاول الحزب الالتفاف على تنفيذ القرار 1701، في حين تساهلت الحكومة والجيش اللبناني مع الحزب، بحجة عدم الرغبة في الاصطدام معه، خاصة وأنه ممثل في مجلس النواب والحكومة”.
كذلك يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، لموقع “الحرة”، “إذا غابت القرارات السياسية وتغلبت المصالح الخاصة على المصلحة الوطنية، يصبح من الصعب على الجيش أداء مهامه، وفي حال توفر القرار السياسي، فإن الجيش قادر على بسط سلطته على كافة الأراضي اللبنانية، من دون أن يلغي ذلك حاجته إلى تعزيز قدراته من حيث العديد والعتاد”.
ويشير عبد القادر في حديث لموقع “الحرة” إلى أن الجيش اللبناني “يعتمد في تسليحه على تلقي المساعدات الخارجية أو تأمين الدولة اللبنانية للموارد المالية اللازمة لذلك”.
من جانبه يؤكد الصحفي محمد نمر أن “الجيش قادر على الانتشار في الجنوب، لكن يجب على حزب الله الانسحاب أولاً لتفادي أي تصادم، وأن يقتنع الحزب أن لا نقاط له هناك، بل للجيش، وأن السلطة السياسية هي المخولة فقط بتحديد قرار الحرب والسلم وليس هو”.
ويلفت نمر في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “الجيش اللبناني يضم عناصر من مختلف المناطق اللبنانية، بما في ذلك الجنوب، وهم أبناء الشرعية للدفاع عن أرضهم تحت مظلة الدولة اللبنانية، وليس أي دولة أخرى”.
كما يرى نمر أن “الجيش اللبناني قادر على فرض سلطته على كامل الأراضي اللبنانية، إذا توفّر القرار السياسي المناسب” مشيراً إلى أن “رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدأ ببذل الجهود لتوفير الإمكانات اللازمة للجيش، كما أن باريس ستعقد قريباً مؤتمراً لدعم لبنان، ومن بين أهدافه دعم الجيش، نظراً لأن مناطق الانتشار تتطلب المزيد من العديد، بالإضافة إلى الحاجة لتسليح الجيش بأسلحة تمكنه من الدفاع عن أراضيه ضد أي عدوان”.
خطة.. “مكبلة”
في الواقع، ينتشر الجيش اللبناني في جنوب البلاد حيث يضم كما يقول مصدر مطلع لواءين وفوجاً، بإجمالي نحو 4500 عنصر، وهو يتعاون مع قوات اليونيفيل لتنفيذ مهام تتعلق بتطبيق القرار الدولي 1701″.
ويشرح المصدر المطلع لموقع “الحرة”، أنه “بعد حرب يوليو وتعزيز قوات اليونيفيل في الجنوب وانتشار الجيش اللبناني لأول مرة في تلك المنطقة، تم وضع آلية للتنسيق بين الطرفين، حيث أنشأ الجيش اللبناني جهاز ارتباط يضم ضباطاً للقيام بذلك، وتشمل هذه الآلية تنفيذ دوريات مشتركة”.
لكن الجيش اللبناني لا يتمكن كما يقول المصدر “من المشاركة في جميع الدوريات التي تنفذها قوات اليونيفيل، وهو ما يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث إشكالات بينها وبين الأهالي، وفي هذه الحالات، يتدخل الجيش اللبناني لحل تلك الإشكالات وإعادة الهدوء”.
وبعد تصريح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول ضرورة زيادة عديد الجيش في الجنوب، وضع الجيش اللبناني خطة لتعزيز تواجده في هذه المنطقة، ويقول المصدر المطلع “وفقاً للخطة، يتطلب انتشار نحو 10,000 عنصر، ما يعني الحاجة إلى تطويع حوالي 6,000 عنصر إضافي، إلا أن تنفيذ ذلك يكلف حوالي مليار دولار، حيث تبلغ تكلفة تجهيز كل عنصر ما يقارب 4,500 دولار، تشمل العتاد والمستلزمات اللوجستية والأسلحة”.
“عرض قائد الجيش اللبناني الخطة خلال زياراته إلى إيطاليا، فرنسا، والولايات المتحدة”، وفق المصدر، “مشيراً إلى الحاجة الماسة لتطوير قدرات الجيش لتعزيز وجوده في الجنوب. ورغم أن الخطة عرضت على مجلس الوزراء وأُقرّت مرحلتها الأولى التي تنص على تطويع 1,500 عنصر، إلا أن القرار لم ينفذ بعد بسبب عدم توفر التمويل اللازم”.
وفي 11 أكتوبر، شدد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال اتصال مع رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، دعم الولايات المتحدة المستمر “للمؤسسات اللبنانية التي يمكنها المساعدة في استقرار البلاد، بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية”، كما أكد أنه “لا يمكن للبنان أن يسمح لإيران أو حزب الله بالوقوف في طريق أمنه واستقراره”.
هيمنة غير شرعية
وفيما يتعلق بتراجع قوة الجيش اللبناني أمام حزب الله، وهيمنة السلاح غير الشرعي على حساب السلاح الشرعي، تشدد أيوب على أن الجيش اللبناني ليس المسؤول عن هذا الوضع، موضحة أن “الجيش يقوم بتنفيذ قرارات السلطة السياسية، بدءاً من رئيس الجمهورية وصولاً إلى مجلس الوزراء، وهو لم يتخل عن شعاره ‘شرف، تضحية، وفاء’، وقد بقي صمام الأمان رغم الانقسامات الداخلية، وحافظ على دوره كمؤسسة عسكرية توحّد اللبنانيين وتبقى على مسافة واحدة من الجميع”.
وتشير إلى أنه “تم عطيل دور الجيش في ضبط الحدود والمعابر لصالح فريق الممانعة، وتحديداً من قبل حزب الله والتيار الوطني الحر منذ توقيعهما تفاهم مار مخايل عام 2006 الذي أدى إلى هدم المؤسسات وتسليم رئاسة الجمهورية إلى هذا الفريق”.
لذلك “أكد لقاء معراب الأول على ضرورة تطبيق القرار 1701 كاملا بكامل مندرجاته واتفاق الطائف”، وفق ما تقوله أيوب “لكن مع تطور الأوضاع، تم التأكيد في لقاء معراب الثاني على أهمية تطبيق كافة القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1559″، مشددة على أنه “لا دولة في العالم يمكن أن يكون لديها جيشان، أحدهما شرعي والآخر غير شرعي، والأخير هو الذي يسيطر على قرارها”، مشيرة إلى أن اللبنانيين “يدفعون اليوم ثمن قرار اتخذ في الخارج ونُفذ في بلدهم بواسطة حزب الله، الذراع الأبرز لإيران”.
أما سعيد فيرجع سبب تراجع قوة الجيش أمام قوة حزب الله وهيمنة السلاح غير الشرعي إلى “تراخي السلطة السياسية في مواجهة الحزب، مما أدى إلى تراخي الجيش في تنفيذ القرار 1701 وبسط سلطته على كامل الأراضي اللبنانية”.
ويشير سعيد إلى أن العقبات أمام الجيش اللبناني لتنفيذ هذا القرار الدولي “هي سياسية، كون العقبات التقنية، مثل نقص الأسلحة يمكن حلها، حيث هناك دول مستعدة لمساعدته”.
ومنذ تأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، تمكّن حزب الله من بناء قوة عسكرية مدعومة بشكل رئيسي من إيران، إلى جانب تعزيزه لنفوذه السياسي في لبنان، فهو ممثل في البرلمان على نحو متواصل منذ العام 1992، وفي الحكومة منذ العام 2005 ما منحه تأثيراً كبيراً في صنع القرار، حيث يتهمه خصومه بأنه يتحكّم بقرارات “السلم والحرب” في البلاد، وبأنه يشكّل “دولة ضمن الدولة”، لاسيما بعد فرضه معادلة “شعب، جيش، مقاومة”، بعد حرب يوليو 2006.
يذكر أن حزب الله “يشكّل استثناءً بارزاً لعملية حلّ الميليشيات في لبنان ما بعد الحرب”، كما أورد مركز “كارنيغي” نقلاً عن المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، وأضاف، أن الحزب “حظي بدعم سوري، وبرعاية سياسية من داعمه الأول على المستوى الدولي: إيران، كذلك، وعلى الرغم من نهاية الحرب الأهلية، جاء اتفاق الطائف ليعزّز شرعية حزب الله، معتبراً إياه جزءاً من “المقاومة” اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي، إذ كانت إسرائيل تسيطر آنذاك على 10 في المئة من أراضي لبنان، وهكذا، كرّس الطائف نظام الحوكمة الأمنية الهجينة التي لاتزال تشكّل إحدى السمات الخلافية في المشهد الأمني اللبناني”.
عقبات وتحديات
وعلى خلاف ما يعتقد البعض، ينتشر الجيش اللبناني على كافة الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الحدود والمعابر، وفق ما يقوله المصدر المطلع “لكنه يواجه نقصاً حاداً في العديد، خصوصاً على الحدود اللبنانية-السورية الممتدة على طول 375 كيلومتراً. وبحسب المعايير العسكرية، يحتاج كل كيلومتر إلى 200 جندي، مما يعني حاجة الجيش اللبناني إلى 75 ألف جندي لتأمين تلك الحدود، في حين أن مجموع عديده المنتشر على كامل الأراضي اللبنانية يبلغ 80 ألف جندي”.
والعدد الفعلي للجنود المنتشرين على الحدود اللبنانية – السورية لا يتجاوز 4000 عنصر، مما يشكل تحديات كبيرة في تأمين العناصر، ولتعويض بعض النقص في العديد أقام الجيش اللبناني كما يقول المصدر “أبراج مراقبة، وما يزيد من تعقيد الوضع الطبيعة الجغرافية الصعبة، مع العلم أن ضبط أي حدود بين بلدين يتطلب التنسيق بين الدولتين المعنيتين”.
ولا شك أن الوضع الاقتصادي يؤثر على عناصر الجيش اللبناني، وعلى المهام الموكلة إليهم، إلا أن قيادة الجيش وضعت خطة منذ بداية الأزمة للتخفيف من تداعيات ذلك، حيث سمحت للعسكريين بمزاولة أعمال أخرى محترمة لتأمين دخل إضافي، كما منحت الصلاحيات للألوية والأفواج للقيام بمشاريع صغيرة، سواء صناعية أو زراعية، في المناطق التي يتواجدون فيها، لتأمين احتياجات العناصر.
وطلب الجيش اللبناني دعماً مالياً لتحسين رواتب العسكريين، حيث تمكن من الحصول على مساعدات من الولايات المتحدة وقطر لمدة عام، بقيمة 100 دولار شهرياً لكل عسكري، وقد كان يأمل أن تستمر هذه المساعدات، إلا أنها توقفت، فتقدم بطلب جديد لاستئنافها، كما أنه يترقب مؤتمر باريس لمعرفة ما إذا كان سيوفر دعماً مشابهاً.
يذكر أن 90 في المئة من تسليح الجيش اللبناني يأتي كهبات من الولايات المتحدة، كما يوضح المصدر المطلع، ويشرح “يعتمد الجيش على برامج أميركية مختلفة من الهبات لتأمين المساعدات التي تشمل توفير الطبابة، وكذلك تأمين السلاح والعتاد العسكري، في المقابل، تقدم الدول الأخرى مساعدات محدودة للجيش، في حين يعجز الجيش اللبناني عن تحمل تكاليف شراء الأسلحة”.
ويتطلب تأمين المساعدات للجيش، وفق المصدر “قرار سياسي، فالسلطة السياسية هي التي تحدد مصادر تلك المساعدات، أما احتياجات الجيش الأساسية فتشمل دعم رواتب العسكريين، توفير الطبابة، وتأمين المحروقات، وهي ذات أهمية كبيرة بالنسبة للقيادة، فالجيش اللبناني لا يطالب بأسلحة متطورة جداً نظراً لارتفاع تكاليف صيانتها، بل يسعى إلى تلبية احتياجاته وفقاً لإمكاناته المتاحة”.
وفيما يخص المساعدات المقدمة، يعلّق عبد القادر “ما يقدم حالياً غير كافٍ ولا يلبي الاحتياجات الفعلية للجيش، حيث تقدم الدول المانحة ما هو متاح لديها، وليس ما يحتاجه”.
ورغم المساعدات المقدمة له، يحتل الجيش اللبناني المرتبة 118 بين 145 جيشاً حول العالم وفقاً لتصنيف “غلوبال فاير باور” لعام 2024، ويعكس هذا التصنيف التحديات التي يواجهها هذا الجيش، والتي تتجلى في محدودية ميزانيته العسكرية، التي تقدر بنحو مليار دولار سنوياً.
زوال الذرائع
“كلّفت حرب الإسناد الشعب اللبناني الكثير، وخاصة أهل الجنوب”، كما يقول سعيد، لافتاً إلى أنه “لا يمكن تنفيذ القرار 1701 إلا إذا تحرّر الجيش اللبناني من ضغوط حزب الله بجميع أشكالها، سواء كانت ضغوطاً سياسية مباشرة عبر الحكومة ومجلس النواب، أو ضغوطاً ميدانية على الأرض، إذ لا يمكن تنفيذ هذا القرار بالتراضي، فليس هناك أمن بالتراضي”.
وكان على حزب الله كما تقول أيوب “اتخاذ قرار العودة إلى الدولة والانسحاب من جنوب الليطاني قبل اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله، وقبل الوصول إلى هذه المرحلة من التصعيد العسكري والحرب المفتوحة التي لا نعلم مداها، وقبل نزوح ما يزيد عن 1,300,000 شخص، وذلك من أجل الحفاظ على لبنان وعلى بيئته والشعب اللبناني، لكن بما أنه لم يتخذ هذا القرار الوطني، يجب أن يكون نزع سلاحه مطروحاً على الطاولة”.
فإذا كان الحزب يحتفظ بسلاحه كما تقول أيوب “للدفاع عن لبنان، فقد تحول هذا السلاح إلى هجومي، وإذا كان الهدف منه الردع، فقد ثبت اليوم أن الردع ليس بالسلاح، بل بالدبلوماسية والتفوق التكنولوجي والاستخباراتي والدعم الدولي والداخلي، والاحتضان من قبل مؤسسات الدولة، بالتالي ما الفائدة من هذا السلاح الآن؟ كل المبررات للحفاظ عليه سقطت”، مشيرة إلى أن “الحزب كان يعلن أنه بحاجة إلى سلاحه لتحرير الأراضي اللبنانية، لكننا منذ عام 2006 لم نشهد تحريراً لشبر واحد منها، بل بالعكس وقّع اتفاق ترسيم الحدود البحرية”.
وتشدد “الذرائع التي تم تسويقها لسنوات بأن هذا السلاح لحماية لبنان قد تبين أنها مجرد وسيلة لإبقاء بلدنا ساحة للرسائل الخارجية لصالح محور إيران. هذا الأمر أصبح مرفوضاً، وهناك وعي متزايد لدى اللبنانيين بضرورة إنهاء هذه الحالة، خاصة مع الدعم العربي والدولي، لأن لبنان لا يمكنه أن يستمر في دفع ثمن وجود سلاح غير شرعي على أرضه كل 10 إلى 15 عاماً”.
وفي ردها على مخاوف بعض اللبنانيين من احتمال اندلاع حرب أهلية جديدة، وإذا ما كان الجيش اللبناني قادراً على منع ذلك، تؤكد أيوب “لدينا كامل الثقة بالجيش اللبناني، ولا أعتقد أن هناك فرصاً اليوم لنشوب حرب أهلية، إذ لا يوجد سلاح في أيدي اللبنانيين سوى السلاح الموجود لدى حزب الله، كما لا أعتقد أن هناك جهات خارجية ستقوم بتسليح أي طرف لبناني، فالجميع دفع ثمن الحرب الأهلية سابقاً وقبل باتفاق الطائف كضمانة لعدم تكرارها”.
وتشدد على أن “الفريق الذي يحمل السلاح اليوم يجب أن يدرك ضرورة التخلي عنه، ليس لأنه هُزم أو لأن المعادلات قد تغيرت، بل لحماية لبنان وطائفته وما تبقى من شعبيته”.
وكان الموفد الأميركي آموس هوكستين أشار، الاثنين، إلى أن واشنطن تعمل “مع الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية للتوصل إلى صيغة لإنهاء الصراع بين حزب الله وإسرائيل للأبد” مشيراً إلى أن “الحكومة اللبنانية بحاجة إلى المساندة، وأن واشنطن ملتزمة بتقديم المساهمة اللازمة، كما أنها ملتزمة بدعم الجيش اللبناني، وهو قادر على حماية لبنان”.
ورغم الظروف الصعبة، لم يتوقف الجيش اللبناني عن أداء واجبه. فالحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار هما خطان أحمران بالنسبة له، ولم يسمح بخرقهما رغم الأزمات التي مر بها لبنان، بدءاً من الثورة وحتى الآن، إذ لا يزال يضرب بيد من حديد لمنع أي محاولات لإثارة الفتن الطائفية أو المذهبية.