منبر حر لكل اليمنيين

من سيخلف السنوار؟

قناة الحرة/

39

عندما اغتيل إسماعيل هنية في طهران لم يكن اسم يحيى السنوار متداولا ضمن القائمة المحتملة لتولي منصب رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس، وكان ذلك مرتبطا باعتبارات تتعلق بتواجده في غزة وصعوبة انتقاله والتواصل معه، فضلا عن كونه “مهندس” هجوم السابع من أكتوبر مما يجعل عملية المفاوضات معقدة في حال اختياره.

لكن سرعان ما تبين أن التحليلات والتكهنات كانت تذهب بمسار والواقع الفعلي بآخر، حيث حصلت المفاجأة في التاسع من شهر أغسطس الماضي بإعلان حماس رسميا تولي السنوار زعامة الحركة من موقعه الذي لم يكن معروفا في قطاع غزة.

الهيكل القيادي لحماس.. من تبقى بعد مقتل السنوار؟في أعقاب الإعلان الإسرائيلي عن مقتل يحيى السنوار، تتجدد الأسئلة بشأن مستقبل قيادة هذه الجماعة الفلسطينية المسلحة ومصير قادتها السياسيين والعسكريين الآخرين.

لا يعتبر السنوار اسما عاديا في حماس سواء قبل توليه مهمة هنية أو بعدها، وبعد إعلان مقتله من قبل حماس وإسرائيل باشتباك في رفح تثار تساؤلات عن الاسم الذي سيخلفه في القيادة.

وتذهب التساؤلات أيضا باتجاه الوضع العام الذي ستكون عليه الحركة على المستوى السياسي والعسكري في المرحلة المقبلة، والتأثيرات التي قد تتعرض لها بمقتل السنوار، وهو الرجل الذي تزعم الجماعة بالكامل لـ69 يوما فقط (من تاريخ التاسع من أغسطس وحتى 17 من أكتوبر).

3 احتمالات

ويُعتبر السنوار العقل المدبر وراء الهجمات التي شنتها حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر، وطالما وصفه المسؤولون الإسرائيليون بـ”الرجل الميت الذي يمشي على الأرض”، في إشارة منهم إلى المساعي القائمة لتصفيته.

وحصلت حادثة مقتله التي أعلن عنها، الخميس، في إحدى الأبنية الواقعة على جبهة تل السلطان برفح، وكانت مجرياتها تدور في إطار عملية اشتباك دون أن يكن الجنود الإسرائيليون يعرفون أن القيادي العام لحماس يخوضها في مقابلهم.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون أن “غياب السنوار سيترك فراغا كبيرا في حماس”، لكنه يقول إن الأخيرة “حركة مؤسسات ولكل ملف فيها إدارة معينة”، كما الحال بملف التفاوض الذي يمسك به خليل الحية.

كما يضيف المدهون لموقع “الحرة” أن الحالة الطارئة التي تعيشها حماس والشعب الفلسطيني الآن ستدفع القيادات الميدانية والسياسية في الحركة لكي تستمر بعمليات الإدارة، كل من موقعه.

وينطبق ما سبق أيضا على صعيد عمل وأدوار المجلس القيادي في الخارج، الذي تم تشكيله بعد اغتيال إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران.

فيما يتعلق بالاسم الذي سيخلف السنوار يشير الكاتب إلى قادة بارزين آخرين، مثل خالد مشعل وموسى أبو مرزوق وزاهر جبارين، كما يوضح أنه يوجد مجلس شورى من حقه أن يعين رئيس الحركة.

ويستعرض في المقابل 3 احتمالات قد تتبع الحركة أحدها في المرحلة المقبلة:

الاحتمال الأول: أن يبقى الحال كما هو عليه، إذ يوجد مجالس قيادية وقيادات سياسية وميدانية ومفصلية تتابع عملها بطريقة الطوارئ والحرب.

الاحتمال الثاني: أن يتم إعلان اسم رئيس الحركة عبر مجلس الشورى، ويعتقد المدهون أنه يمكن عقده بحضور من يتوفر.

الاحتمال الثالث: أن لا يتم الإعلان عن خليفة السنوار، في سيناريو شبيه لما حدث في 2004 عندما تم قتل القائد الذي خلف عبد العزيز الرنتيسي.

“يمكن أن تحصل مفاجأة”

الاحتمالات من الجانب الإسرائيلي والمتعلقة بخليفة السنوار تذهب في المقابل باتجاه خالد مشعل المقيم في قطر، كما يقول الباحث السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن لموقع “الحرة”.

ويعتقد أن مشعل قد يأخذ على عاتقه المزيد من المسؤوليات، سواء في مكتب حماس في الخارج وربما يعيد تشغيل منصب رئيس المجلس السياسي للحركة.

لمشعل تجربة سابقة وكان متواجدا في مراكز اتخاذ القرار في كل العقود الأخيرة ولديه رصيد كبير في الحركة، وفقا لشتيرن.

ومن جانبه يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، حسان الدجني أن الشخص الذي سيخلف السنوار سيكون “أمره منوطا بمؤسسات حماس الشورية وهي حركة فتية بها من القيادات والنخب الكثير”.

ويقول الدجني لموقع “الحرة” إن الحركة “لن تعجز على اختيار الشخص المناسب”.

ويقدّر أن يكون أن السيناريو المرجح هو تقلد خالد مشعل أو خليل الحية للمنصب.

ومع ذلك “لا يمنع أن تفاجئ الحركة الجماهير باسم ربما غير معروف أو تعتقد إسرائيل أنها اغتالته”، بحسب حديث أستاذ العلوم السياسية.

يعتبر الدجني أن السنوار شكل “كابوسا” لإسرائيل في حياته وسيشكل “كابوسا” آخرا في مماته لعدة أسباب.

أول تلك الأسباب أن “الصورة التي ترسخت داخل الوعي الجمعي أنه لم يختبئ في نفق ولم يجلس بين خيام النازحين ولم يهرب للخارج وكان مرتديا البدلة العسكرية يقاتل إسرائيل حتى بعصاه”.

وترتبط الثانية بأن “إسرائيل لم تفهم بعد أن المقاومة هي من تفرز القيادات وليس العكس، وأن نهاية المقاومة لن تكون إلا بوضع حلول لمبررات وجودها والمتمثل في وضح حلول لجذر الصراع وهو احتلال إسرائيل للأرض الفلسطينية”، وفق حديث الدجني.

لكن الباحث شتيرن يرى المشهد مغايرا لذلك، ويشير إلى عدة تساؤلات تفتحها حادثة مقتل السنوار.

وعلى أساس ذلك يعتقد شتيرن أن “هذه المرحلة هي فترة امتحان كبيرة جدا لحماس، ولكي تثبت أنها بقيت يحب عليها اتخاذ القرار بشكل مستمر”.

ورغم أن عملية اتخاذ القرار ستكون صعبة بالنسبة للحركة سيكون لها تأثيرات أيضا على إسرائيل.

ويوضح الباحث حديثه بالقول إن “إسرائيل تريد أن تعيد الرهائن لبيوتهم سالمين.. وهذا يترتب عليه أن تبقى الحركة بموقف اتخاذ قرار”.

ماذا عن هيكل الحركة؟

وفي ظل الضربة الجديدة التي تتلقاها حماس الآن بعد أسابيع من اغتيال رئيس مكتبها السياسي السابق، إسماعيل هنية وعدد من قادتها البارزين يبقى الهيكل القيادي للحركة المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى غامضا.

ومع ذلك، تبرز أسماء لشخصيات قيادية في الحركة، بعضها ما زال على قيد الحياة بشكل مؤكد، بينما يحيط الغموض بمصير آخرين.

وتواصل هذه القيادات، التي تشكل العمود الفقري للتنظيم، لعب أدوار محورية في توجيه سياسات الحركة وعملياتها، رغم الضغوط المتزايدة عليها والمحاولات المستمرة لاستهدافها.

ويعتقد المحلل السياسي المدهون أن “حماس قادرة على تجاوز ظرف مقتل زعيمها الآن”.

ويوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية أن حماس سبق وأن شهدت العديد من حوادث قتل واغتيال القادة الكبار، ولم يؤثر ذلك على هيكلها العام الداخلي والخارجي.

وبينما يقول الآن إنها ستضعف بغياب السنوار يضيف لموقع “الحرة” أن “من الصعب القضاء عليها بشكل كامل، لأنها إيديولوجيا وفكرة وهيكل تنظيمي له جناح سياسي اقتصادي مدني وعسكري، ومتجذرة في النسيج الاجتماعي بغزة”.

لكن في المقابل يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان أن “السنوار كان رمزا بالنسبة لحماس”، وأنه لن يكون من السهل على الحركة تعيين قيادي بذات القدر والقدرة.

ويرجح نيسان في حديثه لموقع “الحرة” أن “تبدأ صراعات بين حماس الداخل وحماس الخارج، الأمر الذي سيزيد من حالة ضعفها”.

وتنفرد حماس على صعيد الهيكل التنظيمي عن باقي “الحركات الجهادية”، على حد تعبير أبو هنية.

ويشرح أنه ورغم تعرضها لنكسات عديدة من اغتيال قادة واعتقال آخرين “لم تشهد في تاريخها على الإطلاق أي عملية انشقاق”.

ويضيف أن “مفهوم الانشقاق غير موجود في الحركة، فيما تظل الاختلافات موجودة بين الخارج والداخل وحتى داخل الجناح العسكري، دون أن تتطور إلى مسارات أكبر”.

ويعتبر الباحث الإسرائيلي، شتيرن أن “السنوار كان يقود حماس بطريقة ديكتاتورية وكزعيم ذو كاريزما”، ولذلك سيكون من الصعب اختيار الشخصية التي ستخلفه.

كما يضيف أن “الكارثة التي جاء بها لغزة تدل على عمق إمكانياته كقائد”.

ويعتقد أبو هنية أن “غياب السنوار لن يشكل فارقا كبيرا، وقد تعطي صور مقتله كمقاتل ميداني يواجه في اللحظة الأخيرة دافعا للبقية في غزة”، ويؤكد أيضا على فكرته بأنه “من الصعب القضاء على حركة متجذرة في غزة ومع وجود قضية عادلة تزيد من الإيديولوجيا والتماسك على صعيد الهيكلية”.

تعليقات